ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وروي عن طائفة من السلف قالوا: "تَلْعَنُهُمْ دَوَابُّ الأرْضِ، ويقولون: مُنعنَا القَطْرَ بِخَطَايَا بَنِي آدَمَ ".
فإن كتمان العلم النافع سبب لظهور الجهل والمعاصي، وذلك يوجب محو المطر ونزول البلاء، فيعم دواب الأرض، فتهلك بخطايا بني آدم، فتلعن الدواب من كان سببًا لذلك.
وقد ظهر بهذا أن محبة العلماء من الدين، كما قال علي ﵁ لكميل بن زياد: وَمَحَبَّةُ العَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهَا.
وفي الأثر المعروف: "كُنْ عَالِمًا أَوْ متَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا أَوْ مُحِبًّا لَهُمْ، وَلاَ تَكُنْ الخَامِسَ فَتَهْلَكَ ".
قال بعض السلف عند هذا: سُبحَانَ اللهِ! لَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مَخْرَجًا.
يعني أنّه لا يخرج عن هذه الأربعة الممدوحة إلا الخامس الهالك، وهو من ليس بعالم ولا متعلم، ولا مستمع ولا محب لأهل العلم، وهو الهالك.
فإن من أبغض أهل العلم أحب هلاكهم، ومن أحب هلاكهم فقد أحب أن يطفأ نور الله في الأرض ويظهر فيها المعاصي والفساد، فيخشى أن لا يرفع له مع ذلك عمل، كما قال سفيان الثوري وغيره من السلف.
وكان بعض خدم الخلفاء يبغض أبا الفرج ابن الجوزي ويسعى في أذاه بجهده فرآه بعضهم في منامه وهو يذهب به إلى النار، فسئل عن سبب ذلك فقيل له: كان يبغض ابن الجوزي.
قال ابن الجوزي: "لَمَّا زَادَ تَعَصُّبُهُ وَأَذَاهُ لَجَأْتُ إِلَى اللهِ فِي كَشْفِ سَتْرِهِ، فَقَصَمَهُ اللهُ تَعَالَى قَرِيبًا".
ولما قتل الحجاجُ سعيدَ بن جبير كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى عِلمِهِ، فَمَنَعَهُمْ الانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ، فَرَئَي فِي المَنَامِ أَنَّ الحَجَّاجَ قُتِلَ بِكُلِّ قَتِيلٍ قَتَلَهُ فِي الدُّنْيَا قِتلَةً، وَقُتِلَ بِسعيدٍ بنِ جُبيرٍ سَبْعِينَ قِتْلَةً".
1 / 31