عصمة القرآن الكريم وجهالات المبشرين
الناشر
مكتبة زهراء الشرق
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
١٧- وفي قوله تعالى في الآية ١٥ من "يوسف" عن إخوته ﵇ وعزمهم على التخلص منه حتى يخلو لهم وجه أبيهم: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يؤكد الأخرق أن في الجملة خطأ لأنها تخلو من جواب "لولا"، وإنه "لو حُذفت الواو التي قبل "أوحينا" لاستقام المعنى" (ص ١١٠) . ولابد من التنبيه أولًا إلى أن القرآن يَكْثُر فيه الحذف، فهم سمة من سمات لغته أفاض فيها علماء القرآن والنحو والبلاغة، وهذا الحذف موجود أيضًا بكثرة في الشعر العربي القديم أيام كان العرب يستعملون لغتهم بتلقائية الواثق القابض على عنانها يصرَفها حسبما تَشاء مراميه البلاغية. فهذه الآية إذن ليست بِدْعًا في القرآن، وهذا إن قلنا بالحذف، وهو مجرد رأي من الآراء التي وُجًهَتْ بها الآية. والحذف هنا، عند من يقول به، غَرَضُه التشويق وإثارة تطلع القارئ للتفكير في المراد من الآية. ومازلنا حتى الآن نقول في أحادثنا مثلًا: "آه لمّا جاء أبوه ورأى ما صنع! "، فهل سمع أحدنا قطّ من يعترض على مثل هذا الأسلوب ويتهمه بالنقص؟ ومن شواهد هذا الاستعمال في الشعر العربي القديم قول امرئ القيس عن إحدى مغامراته العاطفية مع حبيبته:
فلما أجزَنْا ساحة الحيّ وانتحى ... بنا بطن خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ
1 / 59