أثر تعليل النص على دلالته
الناشر
دار المعالي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
يُقال: كل مسكر حرام، والنبيذ مسكر، فكان حرامًا، وكذلك في كل علة دل الدليل على كونها مناطًا للحكم فينتظم منها قضية عامة كلية تجري مجرى عموم لفظ الشارع بل أقوى؛ لأن عموم اللفظ معرّض للتخصيص، والعلة إذا كانت عبارة عن مناطٍ [و] كانت جامعة لجميع أوصافها وقيودها لم يتطرق إليها تخصيص؛ إذ يكون تخصيصها نقضًا لعمومها» (^١).
فإن قيل: فتخصيص العلة ونقضها به مسألة مختلف فيها بين الأصوليين حتى حكى الزركشي فيها بضعة عشر قولًا (^٢)، فكيف ساغ هاهنا - وكما دلّ عليه كلام الغزالي - جزم القول بأن تخصيص العلة غير جائز وأنه إذا ثبت لعلة من العلل فإنه يُعدّ نقضًا لها.
فالجواب: هو أن ما سبق تقريره من أن ثبوت تخلف حكم العلة عن محل من محال تحققها من غير «فرق مؤثر» بين محل التخلف وبين باقي المحالّ يُعدّ نقضًا للعلة أمرٌ - بعد التمحيص - لا خلاف فيه، والذي جرى بين الأصوليين في هذه المسألة هو خلافٌ وهمي لا حقيقة له، إذ هو دائر على الألفاظ فحسب نشأ - في أغلبه - عن اختلاف مآخذهم في تفسير العلة.
وقد أشار إلى عدم جدوى الخلاف في هذه المسألة ولفظيته كل من إمام الحرمين (^٣) والغزالي (^٤)، وهو ظاهر كلام ابن الحاجب (^٥) والبيضاوي (^٦)، وقرره
_________
(^١) الغزالي، أساس القياس، حققه د. فهد السرحان، ط ١، مكتبة العبيكان، الرياض، ١٤١٣ هـ، ص ٤٣، وسيشار له: الغزالي، أساس القياس.
(^٢) انظر: الزركشي، البحر المحيط، ج ٥، ص ٢٦٢.
(^٣) انظر: إمام الحرمين، البرهان، ج ٢، ص ٦٤٨.
(^٤) انظر: الغزالي، شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل، ط ١، رئاسة ديوان الأوقاف، إحياء التراث الإسلامي، العراق، ١٣٩١ هـ، ص ٤٥٨، وسيشار له: الغزالي، شفاء الغليل.
(^٥) أ بو عمرو بن الحاجب، منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ط ١، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ هـ ص ١٧٢. وسيشار له: ابن الحاجب، منتهى الوصول.
(^٦) البيضاوي، منهاج الوصول في معرفة الأصول، ط ١، عالم الكتب، بيروت، ١٤٠٥ هـ، ص ٢٣٦.
1 / 24