176

أثر تعليل النص على دلالته

الناشر

دار المعالي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

وبناء على ذلك فليس للدلالة الظنية للنص دخْل في إفادة العلة حتى يُقال بأن اجتهاد الإمام مالك في هذا الحديث تضمّن استنباط علة عادت على أصلها بالإبطال. وإذن فهكذا يمكن القول في كل مثال عادت فيه العلة المستنبطة من نصّ ما على ظاهر هذا النص بالإبطال. فإن قيل: فما هو مثال عود العلة على أصلها وهي الدلالة القاطعة للنص بالإبطال؟ فالجواب إنه يمكن التمثيل لذلك بمثالين: المثال الأول: قوله تعالى في القاذفين: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٤، ٥]، على فرض عدم تعلّق الاستثناء ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ بعدم قبول الشهادة وإنما بالحكم بالفسق كما هو رأي الحنفية (^١). فلو علّل أحدهم عدم قبول شهادة القاذف بأنه خرج عن حدّ العدالة بالقذف، وهذا يقتضي أنه إذا تاب قُبلت شهادته لأن العدالة تعود بالتوبة، فهذا تعليل عاد على أصله بالإبطال وذلك لأن لفظ التأبيد «أبدًا» أفاد القطع بدوام الحكم في كل الأحوال، والتعليل وهو مظنون أفاد حكما غير ذلك، فإذا تعارض ظني مع قطعي لم يكن شكٌ في بطلان ما هو ظني. المثال الثاني: تعليل قوله ﷺ لأحد أصحابه إذ أراد أن يضحّي بجذعة (^٢) "اذبحها ولا تصلح لغيرك" وفي رواية "ولن تجزي عن أحد بعدك" (^٣) - بأن

(^١) انظر: الجصاص، أحكام القرآن، ج ٥، ص ١١٩. (^٢) والجذعة من المعز: ما دخل السنة الثانية انظر: ابن حجر، فتح الباري ج ١٠، ص ٧. (^٣) البخاري، الصحيح، الأحاديث رقم (٥٥٥٦)، (٥٥٥٧).

1 / 182