103

أثر تعليل النص على دلالته

الناشر

دار المعالي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

المثال الثالث: سكنى المطلقة ثلاثًا: عن فاطمة بنت قيس ﵂ قالت: "طلقني زوجي ثلاثًا فلم يجعلْ لي رسول ﷺ سكنى ولا نفقة" (^١)، وفي رواية: "قلت: يا رسول اللَّه زوجي طلقني ثلاثًا وأخاف أن يقتحم علي فأمرها فتحولت" (^٢). الآخذ بظاهر هذا الحديث يحكم - بلا بدّ - بأن المطلقة ثلاثًا لا سكنى لها ولا نفقة بعد الطلاق، وليس بضائر هذا الأخذ أن حديث فاطمة واقعة عين لأنهم أجمعوا على أن قضاء النبي ﷺ على شخصٍ أو عين يأخذ حكم العموم شرعًا من حيث شموله كافة المكلفين في كافة الأزمان. قال القاضي أبو يعلى الحنبلي ﵀: «إذا حكم ﷺ في حادثة بين نفسين كان واجبًا على كل أحد أن يُحكم عليه بمثل تلك الحادثة وهذا لا أعلم فيه خلافًا» (^٣). إذن، فالظاهر العموم إلا أن يرد دليل على التخصيص، وهو في هذه الواقعة لم يرد صراحة، إلا أن السيدة عائشة ﵂ خصصت هذا العموم بالتعليل، إذ قد روى البخاري عن عروة بن الزبير أنه قال لعائشة: "ألم تري إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت. فقالت: بئسما صَنَعتْ. فقال: ألم تسمعي إلى قول فاطمة؟ فقالت: أما إنه لا خير لها في ذلك" وزاد بعضهم: "عابت عائشة ذلك أشدّ العيب، وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخِيفَ على ناحيتها فلذلك أرخص لها رسول اللَّه ﷺ" (^٤).

(^١) مسلم، الصحيح، حديث رقم (٣٧٠٠). (^٢) مسلم، الصحيح، حديث رقم (٣٧٠٢). (^٣) نقله عنه الزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ١٩٠. (^٤) البخاري، الصحيح، حديث رقم (٥٣٢٦).

1 / 108