الإيمان: رواية تاريخية مصرية

ألكسندر ديماس ت. 1396 هجري
115

الإيمان: رواية تاريخية مصرية

تصانيف

مييريس :

ما من شيء يستحيل على الآلهة فعله، وآلهتنا على كل شيء قديرة، فما بال آلهته وهي أقوى سلطانا، إن لم يجبك إلى ما التمسته فألح عليه، مره، بل هدده وأكرهه على ما تريد، لك الأمر والنهي عليه، وما هو إلا ابن صانع فخار من عبيدك، فاقرعه بالسوط حتى يصدع بأمرك، افعل به ما تشاء فحياته في يديك، أرهبه، بل رغبه، اعرض عليه حقولنا ونخيلنا، قدم له ماشيتنا وأنعامنا، ضع بين يديه جواهرنا وحلينا، قل له إننا نؤمن به إلها حيا قادرا على كل شيء، فليشفني، أريد الشفاء، أريد رؤية الأشياء، أريد الإبصار (بغضب)

ولكن أنت لا تدري قيمة البصر؛ لأنك مبصر، ولا تقدر نعمة النور؛ لأنه يملأ عينيك، ولا تدري مقدار مصابي؛ لأنك لا تشعر به. نعم إنك ترثي لبلوتي، وترق لحالي، وتظن أن ذلك جهد استطاعتك فلا تملك فوقه أمرا، كلا كلا، ولكن لا لا، لقد أخطأت وظلمتك يا رحيو فسامحني، إن شدة المصاب أفقدتني الصواب، تصور ألم الأعمى، وقد ولد أعمى وحرم لذة المشاهدة، وبجواره قوم يبصرون، إني أغبط أحقر رعاة ماشيتك، وأفقر ناسجات بردك على نعمة البصر، فإذا سمعت أحدا منهم يشتكي من دهره، لا أستطيع كف يدي عن ضربه على بطره، إذ أرى كل النعم لا تعادل نعمة بصره، ويخيل لي أنكم معشر المبصرين في نعيم دائم، وأنه يجب عليكم أن لا تكفوا عن التسبيح وشكر الآلهة على ما منحتكم (بشدة)

البصر! ولا أدري ما هو، ولا أستطيع أن أتصور كيف تبصرون الأشياء دون أن تلمسوها، وتعرفون الأشخاص دون أن تسمعوها، وتدركون الشمس دون أن يصيبكم شعاعها، وتتعرفون الزهور قبل أن يصل إليكم عبيرها، يقولون إن الزهور جميلة، فيا ليتني كنت أراها أيها الحبيب، وكم أكون سعيدة يوم أرى وجهك؛ لأتبين فيه صورة ولدنا الذي فقدناه، أو لتشير لي إلى من يشبهه بين الأطفال فأراه، مصابي بكفافي مصاب مزدوج، فما أشد ألمي! أواه ما أشد ألمي! (ترتمي بين ذراعي زوجها)

إن لم أجد بدل الأمل الذي فقدته في آلهتي أملا بشفائي، فلا أدري ما أنا فاعلة، ولأذهبن ذات ليلة ملتمسة الجدران والأشجار، تدلني يداي، وتقودني قدماي، حتى أبلغ النيل، فألقي بنفسي فيه لأموت.

رحيو :

حبيبتي، حبيبتي، ما هذا الكلام؟

مييريس :

لقد أقبل، وأسمعه يتكلم، فلأتركنك معه، بل قدني إلى مخدعي وعد إليه، وإن كنت تهواني فلا تنسني لديه، نج امرأتك يا رحيو. (تدخل المنزل يقودها رحيو، فيدخل ساتني يتبعه نرم وسوكتي وبتيو.)

الواقعة الرابعة (ساتني - نرم - سوكتي - بتيو)

صفحة غير معروفة