241

الإيمان

محقق

محمد ناصر الدين الألباني

الناشر

المكتب الإسلامي،عمان

الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

مكان النشر

الأردن

أن يسجدها لآدم فأباها. فهل جحد إبليس ربه وهو يقول: ﴿رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] ويقول: ﴿رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الحجر: ٣٦] إيمانًا منه بالبعث، وإيمانًا بنفاذ قدرته في إنظاره إياه إلى يوم يبعثون؟ وهل جحد أحدًا من أنبيائه أو أنكر شيئًا من سلطانه وهو يحلف بعزته؟ وهل كان كفره إلا بترك سجدة واحدة أمر بها فأباها؟ قال: واستدلوا أيضًا بما قص الله علينا من نبأ ابني آدم ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ﴾ إلى قوله: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: ٢٧: ٣٠]، قالوا: وهل جحد ربه؟ وكيف يجحده وهو يقرب القربان؟ . قالوا: قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥]، ولم يقل: إذا ذكروا بها أقروا بها فقط، وقال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: ١٢١] يعني: يتبعونه حق اتباعه؟
فإن قيل: فهل مع ما ذكرت من سنة ثابتة، تبين أن العمل داخل في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله؟ قيل: نعم، عامة السنن والآثار تنطق بذلك، منها حديث وفد عبد القيس، وذكر حديث شعبة وقرَّة بن خالد عن أبي جَمْرَة عن ابن عباس، كما تقدم، ولفظه: " آمركم بالإيمان بالله وحده "، ثم قال: " هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ "، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا خمس ما غنمتم ".
وذكر أحاديث كثيرة توجب دخول الأعمال في الإيمان مثل قوله في حديث. . . لما سئل ﷺ عن الإيمان فقرأ: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ

1 / 248