قيل لهم: فقد خالف عمر النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن النبي جعلها شورى، ولم يجعلها عمر شورى . وتكذبهم الأمة أيضا أن عمر لم يجعلها شورى، وكفى بتكذيب الأمة حجة عليهم.
وإن قالوا: نعم قد جعلها عمر شورى بين ستة.
قيل لهم: فمن كان أوثق في فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم عمر ؟!
فإن قالوا: النبي صلى الله عليه وآله أوثق في فعله.
قيل لهم: فلم خالف عمر الفرض في الإمامة أن يتبعوا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] ؟! فإن قالوا: كل صواب وتوفيق. شبهوا فعل عمر بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطوه من التوفيق مثل ما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه خالف رسول الله صلى الله عليه وآله في فريضة الإمامة، وكان خلافه فيما أمر الله به صوابا وتوفيقا.
ويقال لهم: أخبرونا لو أن عمر عمد إلى صلاة الظهر فجعلها خمسا كان ذلك جائزا ؟!
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: ولم ؟!
فإن قالوا: لأن الفرائض لا تغير، ولا يجوز أن يصير ما جعل الله أربعا خمسا.
قيل لهم: كيف جاز لعمر في فريضة الإمامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص أبا بكر، وأن أبا بكر نص عمر، وأن خالفهما جميعا فجعلها شورى بين ستة، فهذا خلاف فريضة الله ورسوله. وعمل بخلاف ما فعلاه.
وإن قالوا: إن ذلك جائز في الإمامة ولا يجوز في غيرها. نقضوا قولهم في أول المسألة إنه لا تغير فرائض الله. وصاروا إلى أن فرائض الله يجوز تغييرها. ويلزمهم في ذلك إن جاز في بعضها، جاز في كلها، حتى لا يبقى دين إلا غير!! وهذا فاسد منكسر على من قال بهذه المقالة في فرض الإمامة أنه نص أبا بكر!!
ويسأل الذين قالوا: فرض الإمامة شورى بين المسلمين، ما تقولون: كيف فرض الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فإن قالوا: جعلها شورى بين المسلمين.
صفحة ٩٨