فإن قالوا: لا. تركوا قولهم إنه لا يجوز أن يتركوا ما أمرهم الله به. فيكون في قولهم إنه يجوز في بعض ولا يجوز في بعض.
وإن قالوا: لا يجوز النقصان ولا الزيادة في جميع الفرائض.
قيل لهم: هذه الفرائض قد أجمعتم عليها أنه لا يجوز فيها زيادة ولا نقصان. فأخبرونا من السنن ما هي عندكم ؟ فمن قولهم مثل مواقيت الصلاة، الظهر إذا زالت الشمس، والمغرب إذا غربت، والصبح إذا طلع الفجر، ومثل زكاة الفطر، ومثل صلاة الوتر بالليل ثلاث، وركعتان قبل الصبح، ومثل هذا من المناسك والسنن.
قيل لهم: ما تقولون: هل يجوز لأحد أن يحول هذه السنن عن جهاتها، فيجعل الوتر بالنهار، ووقت الظهر لوقت العصر، وصلاة النهار بالليل، وزكاة الفطر في الأضحى، وركعتي الفجر قبل الصبح، وكل شيء من السنن يحولها على هذا النحو ؟!
فمن قولهم وقولنا: لا يجوز تحويل هذه الأشياء على خلاف ما سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل لهم: وكذلك جميع السنن!
فإن قالوا نعم. قادوا قولهم إنه لا يجوز تغيير شيء من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما لا يجوز تغيير شيء من الفرائض التي ذكرنا.
قيل لهم: فما تقولون في التطوع ؟
فإن قالوا: الناس كلهم في التطوع بالخيار، إن شاءوا فعلوه وإن شاءوا تركوه، وكذلك قول الله تعالى: {فمن تطوع خيرا فهو خير له} [البقرة:184].
يقال لهم عند ذلك: ما تقولون في الإمامة هي من دين الله أم من غير دين الله ؟
فإن قالوا: ليست من دين الله، لزمهم في إجماع من أجمع على إمامة أبي بكر أنهم لم يكونوا على دين الله.
وإن قالوا: الإمامة من دين الله.
قيل لهم: من أي دين الله ؟! من الفرائض، أم من السنن، أم من التطوع ؟! فقد زعمتم أن الدين لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه.
فإن قالوا من الفرائض.
صفحة ٩٥