359

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

فالأمر المعلق بشرط إذا لم يوجد ذلك الشرط إلا في حق واحد لم يؤمر به غيره. وهكذا آية النجوى؛ فإنه لم يناج الرسول قبل نسخها إلا علي، ولم يكن على من ترك النجوى حرج. فمثل هذا العمل ليس من خصائص الأئمة، ولا من خصائص علي رضي الله عنه، ولا يقال: إن غير علي ترك النجوى بخلا بالصدقة، لأن هذا غير معلوم، فإن المدة لم تطل، وفي تلك المدة القصيرة قد لا يحتاج الواحد إلى النجوى، وإن قدر أن هذا كان يخص بعض الناس لم يلزم أن يكون أبو بكر وعمر رضي الله عنهما من هؤلاء. كيف وأبو بكر رضي الله عنه قد أنفق ماله كله يوم رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة، وعمر رضي الله عنه جاء بنصف ماله بلا حاجة إلى النجوى. فكيف يبخل أحدهما بدرهمين أو ثلاثة يقدمها بين يدى نجواه ؟

وقد روى زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ما أبقيت لأهلك يا عمر“؟ فقلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل مال عنده. فقال: ”يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك“؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا.

الفصل الخامس عشر

صفحة ١٠٢