أحدها: أن هذه السورة مكية بالاتفاق، وكان علي فقيرا بمكة في عيال النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له مال ينفق عنه، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ضمه إلى عياله لما أصابت أهل مكة سنة.
الثاني: أنه قال: { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } [الليل: 19].
وعلي كان للنبي صلى الله عليه وسلم عنده نعمة تجزى، وهو إحسانه إليه لما ضمه إلى عياله. بخلاف أبي بكر؛ فإنه لم يكن له عنده نعمة دنيوية، لكن كان له عنده نعمة الدين، وتلك لا تجزى؛ فإن أجر النبي صلى الله عليه وسلم فيها على الله، لا يقدر أحد يجزيه. فنعمة النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي بكر دينية لا تجزى، ونعمته عند علي دنيوية تجزى، ودينية.
وهذا الأتقى ليس لأحد عنده نعمة تجزى، وهذا الوصف لأبي بكر ثابت دون علي.
فإن قيل: المراد به أنه أنفق ماله لوجه الله، لا جزاء لمن أنعم عليه. وإذا قدر أن شخصا أعطى من أحسن إليه أجرا، وأعطى شيئا آخر لوجه الله، كان هذا مما ليس لأحد عنده من نعمة تجزى.
قيل: هب أن الأمر كذلك، لكن علي لو أنفق لم ينفق إلا فيما يأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي له عنده نعمة تجزى، فلا يخلص إنفاقه عن المجازاة، كما يخلص إنفاق أبي بكر.
صفحة ٦٤