وأما فرق الشيعة فهي كثيرة ، وقد أنهتها بعض كتب الملل والنحل إلى أكثر مما نعرفه عنها ، فذكرت فرقا كثيرة ، ورجالا تنسب الفرق إليهم ، أمثال الهشامية نسبة إلى هشام بن الحكم ، والزرارية نسبة إلى زرارة بن أعين ، والشيطانية نسبة إلى مؤمن الطاق محمد بن النعمان الأحول ، واليونسية نسبة إلى يونس بن عبد الرحمن ، إلى غيرها ، والحق اننا من أهل البيت وأهل البيت أدرى بما فيه لا نعرف عينا ولا أثرا لهذه الفرق ، ولا للبدع التي نسبت لهؤلاء الرجال.
وإن من نظر في كتب الحديث وكتب الرجال للشيعة عرف أن هؤلاء من خواص الأئمة الذين يعتمدون عليهم ويرجعون الشيعة إليهم ، ولو كان لهم آراء ومذاهب لا يرتضيها الأئمة لسخطوا عليهم وأبعدوهم عنهم ، ومن سبر ما جاء عنهم في الرجال الذين انتحلوا البدع لعلم أن هؤلاء برآء مما نسبوه إليهم ، فإنهم برءوا من ابن سبأ ولعنوه وحذروا من بدعه ، وبرءوا من المغيرة بن سعيد حين صار يكذب على الباقر عليه السلام ويدعي الأباطيل ، كما برىء الصادق عليه السلام من أبي الخطاب وجماعته ، ومن أبي الجارود وكما قالوا في بني فضال : خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا ، وكما برىء الحجة المغيب من جماعة خلطوا في الدين وادعوا أنهم أبوابه ، إلى غير هؤلاء (1) ولو كان مثل هؤلاء الصفوة على مثل تلك الضلالات التي نسبت إليهم لكان نصيبهم من الأئمة نصيب غيرهم من الضالين البراءة منهم والذم واللعن لهم.
نعم كانت للشيعة فرق قبل عصر الصادق عليه السلام وبعده وقد ذهبت ذهاب أمس الدابر ، ولم يبق منها اليوم شيء معروف إلا ثلاث فرق :
صفحة ٤٤