والانقياد ، وأمية من التمرد والابتعاد.
وهذه النتيجة تلمسها من هذه النصوص الفرقانية والأحاديث النبوية من دون شحذ قريحة وغور في التفكير ، نعم لو سبرت السيرة الاموي ة قبل الاسلام وبعده الى انقراض دولتهم ، لعرفت أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما كشفا بالكتاب والسنة عن تلك السيرة والسريرة الفائتتين ، وأنبأ عن الآتيتين ، وما كان ليخفى على الناس حالهما ، ولكن كان هذا التصريح قطعا لاعتذار أوليائهم ودحضا لمكابرات مشايعيهم ، ومع هذه الصراحة من الكتاب والحديث ما زال للقوم حتى اليوم أولياء وأشياع ، ومدافعون وأتباع.
ولأجل أن تطمئن القلوب بهذه الحقيقة ، نستطرد نبذا من أعمال أمية وبنيه أخبرنا عنها التاريخ الموثوق به.
مات عبد مناف وترك عدة بنين ، كان منهم هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس ، وكان هاشم أرجحهم عقلا وأسماهم فضيلة فاصطلحت قريش على أن توليه الرفادة والسقاية (1) وكانتا لأبيه عبد مناف ، فكان هاشم حيث رأت قريش ، وزاد في شرف أبيه أن سن الرحلتين رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وقد ذكر هاتين الرحلتين الكتاب الكريم (2)، وما كانت غاية هاشم من الرحلتين إلا أن يكثر المال في قريش فيقووا به على إطعام الحاج ، وهذه فضيلة سامية أرادها هاشم لقومه ، وهذا شأن العظام الذين ينحون بقومهم عظائم الامور ، ومراقي الشرف الرفيعة.
ثم تقدم هو في الاطعام ليكون قدوة لقومه ، فأطعم وأجزل حتى غنت
صفحة ١٣