وقد كان موقفي من هذا الأمر أن جعلت من المحتمل أن يكون الإمام الدَّارَقُطْنِيّ مخطئًا، كما يحتمل أن يكون مصيبًا، لأني أرى أن المنهج العلمي يقتضي مني هذا الموقف، لأن البشر جميعًا -حاشا الرسل والأنبياء- ليسوا بمعصومين.
ولم يكن لي مصلحة تتطلب إثبات خطأ الدَّارَقُطْنِيّ في موقفٍ ما أو صوابه، فليس ثمة حكم إلا لما دلّ عليه الدليل، والإنصاف واجب، وهذا هو ما أدين الله تعالى به، وأسأله أن يوفقني إليه.
وقد أثبتّ ما توصلت إليه في هذه المسألة بعد الدراسة، ورأيي يحتمل الخطأ والصواب.
ولكن حسبي في هذا أنني راعيت بكل دقة ما قاله ابن الوزير ﵀ في معرض حديثه عن الأخذ بالدليل، وترك التعصّب والتقليد الأعمى بقوله: "فإن نشأة الإنسان على ما عليه أهل شارعه، وبلده، وجيرانه، وأترابه، صنيع أسقط الناس همةً، وأدناهم مرتبة، فلم يعجز عن ذلك صبيان النصارى واليهود ولا ربّات القدود والنهود المستغرقات في تمهيد المهود ... ""١".
٣- وجدت -أيضًا- أن كتابه "السنن" من الصعوبة بمكان القطع الجازم بمنهجه فيه في كثير من الأمور قبل تحقيق الكتاب، ومع ذلك فقد أوردتّ الاحتمالات في هذه القضية، وقمت بمقارنات وإحصائيات نحوها، ثم أثبتُّ نتيجة الدراسة، وهي في حاجة إلى استكمالِ وسائل البحث في هذا الموضوع بشكل عام، ومن أهمها -في نظري- تحقيق الكتاب أولًا.
_________
"١" "إيثار الحق على الخلق"، لابن الوزير: ص٢٥.
1 / 10