الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة ٣٠٦ هـ وآراؤه الأصولية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الحادية والعشرون-العددان الواحد والثمانون والثانى والثمانون-المحرم
سنة النشر
جمادى الآخرة ١٤٠٩هـ
تصانيف
قياسا على المتواتر، وقول المفتي لأن كل واحد منهما لما أمكن صدقة وجب العمل به، فكذلك هاهنا.
ثالثا: لو لم يجب العمل بخبر الواحد لخلت أكثر الوقائع عن الحكم والتالي باطل بالإجماع. بيان الملازمة أنه إذا لم يوجد في الوقائع الحادثة دليل إلا خبر الواحد، ولا يجب العمل به لزم خلو تلك الوقائع عن الحكم.
مسألة: وجوب العمل بخبر الواحد
باب: الإجماع
مسألة: كيفية الإجماع
...
باب: الإجماع١
مسألة: كيفية الإجماع:
قال أبو العباس ابن سريج: "إذا قيل لك ما الأصل في وجوب حكم الإجماع؟. فقل: كتاب الله وسنة نبيه ﷺ". فالحجة من كتاب الله تعالى قوله ﷿: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس﴾ ٢.
وجه الاستدلال: أن الوسط هو العدل، والشهادة هو القول بالحق. ألا تراه تعالى يقول: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ ٣ أي ناطقا بالحق.
والحجة من السنة: ما روي عنه ﷺ أنه قال: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" ٤.
وما قاله ﷺ: "فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحًا فهو عند الله قبيح" ٥.
وجه الاستدلال: أن الله تعالى أثبت الحجة بما هذه صفته علم بهذا النص أن المراد به الخواص من الناس لا العوام، وهم أهل العلم والقائلين بالحق.
فحقيقة الإجماع القول بالحق، فإذا حصل القول بالحق من واحد فهو إجماع، وإن حصل من اثنين أو ثلاثة فهو إجماع. وما حصل من ثلاثة إلى جملة لا تحصى فهو إجماع. والحجة على أن الواحد إجماع ما اتفق عليه الناس في أبي بكر الصديق ﵁ لما منعت بنو حنيفة الزكاة، فكانت مطالبة أبي بكر ﵁ لها بالزكاة حقا عند الكل. وما انفرد بمطالبتها غيره، وكلهم مجمعون على أن مطالبته حق. فإذا ثبت أن واحد إجماع كان الاثنان فصاعدا بمعناه.
١ انظر: الودائع بمنصوص الشرائع ٦٧٣. ٢ سورة البقرة آية: ١٤٣. ٣ سورة البقرة آية: ١٤٣. ٤ انظر: تلخيص الحبير ٣/١٤١، والمعتبر ٥٧، وتحفة الطالب ١٤٦. ٥ انظر: المستدرك للحاكم ٣/٧٨، وكشف الخفاء ٢/ ١٨٨، والمقاصد الحسنة ٣٦٧، والمعتبر ٢٣٤.
1 / 179