مستريح فكانت بينهم وقعة عظيمة ومن كثرة الجموع وشدة القتال اختلط الناس فما كان أحد يعرف صديقه من عدوه ثم أنزل الله نصره على المسلمين فأخذوا جانبا من أمحرة وانتصر أمحرة وأخذوا جانبا من المسلمين وغنم كل منهم ما حازه.
ثم سار على جمال الدين بنو عمه وحسدوه وقتلوه في جمادى الأخرة سنة خمس وثالثين وثمانى وله في السلطنة سبع سنين.
وكان خير ملوك زمانه دينا ومعرفة, وقوة وشجاعة ومهابة وجهادا في أعداء الله بحيث إنه ملك كثيرا من بلاد الحطى وأعماله ودخل جماعات من عمال الحطى ووالة أعماله في طاعته وقتل وأسر من أمحرة الكفرة ما ال يدخل تحت حصر حتى امتالت بلاد الهند واليمن وهرمز والحجاز ومصر: والشام والروم: والعراق وفارس من رقيق الحبشة الذين أسرهم وسباهم في غزواته ومازال مؤيدا من الله تعالى منصورا على أعداء الله حتى ختم الله له بالحسنى وكتب له الشهادة.
وكان يصحب الفقهاء وأهل الفقر من الصالحين ونشر العدل في أعماله حتى في ألله وولده. ولقد بلغ من عدله أن لعب بعض صغار أولاده ذات يوم مع أنداده وأترابه من الولدان فضرب صغيرا منهم كسر يده ولم يبلغ جمال الدين حتى مضت مدة فاشتد في الأنكار على خدمه أن لم يعلموه« وطلب أولياء الصغير الذي كسر يده وعاتبهم على إخفاء هذا عنه وجمع أهل دولته وطلب ابنه الجاني على الصغير في كسر يده ليقتص منه فقام أعيان الدولة وأمراؤهم بين يديه يتضرعون إليه في
صفحة ٩٥