ففتحها صلحا وعاد منصورا ثم جرد أمير اسمه عمرو معه ستة فرسان إلى بلاد لجب وأمحرة في عدد كالجراد فكانت بينهم واقعة عظيمة قاتل المسلمون فيها قتالأ شديدا حتى ماتوا كلهم, وقد صارت المزاريق تأتيهم كالمطر من كثرتها ثم قطعوا بالسيوف - رحمة الله عليهم - وشهد صبر الدين مرة وقعة كاد العدو أن يأخذه قبضا باليد فنجا بفرسه وقد اعترضه واد عرضه نحو عشرة أذرع فوثب بفرسه حتى تعداه« وخلصه الله منهم وما زال يلى أمر المسلمين إلى أن مات على فراشه مبطونا بعد ثماني سنين في حدود سنة خمس وعشرين وثماني مائة وكانت سيرته مشكورة.
فقام بالأمر أخوه منصور بن سعد الدين وعضده أخوه محمد وسار إلي جداية وهى دار ملك الحطى وبها صهره فقاتله حتى أخذ أسيرا وقتله في عدة كبيرة, فالتجأ نحو الثالثين ألفا إلى جبل يقال له مخا فحصرهم فيه زيادة على مدة شهرين يقاتلهم كل يوم حتى كلوا وجاعوا وعطشوا فنادى فيهم يخيرهم بين الدخول في دين الإسلام وبين اللحاق بقومهم« فأسلم منهم نحو العشرة الأف« ونزلوا إليه من الصبح إلى غروب الشمس وصار من الغد بقيتهم إلى بلادهم فغنم من الخيل مائتي فرس عربية.
وأقام عشرة أيام وقد جمع أمحرة فأتوه في عدد كالجراد المنتشر من كثرتهم فقاتلهم أشد قتال حتى كلت الفرسان وخيولها من شدة الحرب: وقتل عشرة من أمراء المسلمين, فوقع منصور وأخوه محمد في قبضة الخطى إسحاق المدعو أبرم بن داود بن سيف أرعد فكاد يطير من الفرح
صفحة ٩٢