إلقاء الضوء القرآني على كتابة الدكتور علوي حول النبهاني
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة الثامنة،العدد الثالث
سنة النشر
ذو الحجة ١٣٩٥هـ/ ديسمبر ١٩٧٥م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
الله تعالى عنه إلى رسول الله ﷺ وذلك بعد مرجعه ﷺ من غزوة تبوك لكي يدعو له ويصلي عليه بعد موته، وفعلا توجه إليه رسول الله ﷺ فدعا له وصلى عليه صلاة الجنازة وهو على قبره وقد ذكر عمر رضي الله تعالى عنه النبي ﷺ بجميع مواقف هذا المنافق التي وقفها ضد الدعوة المحمدية.
ألم تكن هذه استغاثة تمكن منها النبي ﷺ في حياته الدنيوية في حق ابن أبيّ بن سلول؟ ولكن ماذا كان من أمرها، وشأنها فيما بعد، هل نفعت صاحبه مع اعترافه بمقام النبي ﷺ الرفيع عند مولاه جل وعلا؟
نعم: ينزل القرآن بعد وقفات قليلة مبينا حال هذه الاستغاثة، وقيمتها إذ يقول جل وعلا مخاطبا نبيه الشافع العظيم في يوم الجزاء ﷺ ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ نقف هنا قليلا لكي نطلع على موقف المصطفى ﷺ بعد نزول هذه الآية الكريمة هل توقف ﵊ عن الاستغفار والدعاء له من ربه جل وعلا في حق ابن أبيّ بن سلول فثارت فيه عاطفته العظيمة ورحمته المثالية، ورأفته الشامخة كما وصف الله جل وعلا فاستمر في الدعاء والاستغفار للمنافق المذكور وقال ﷺ إن الله تعالى لم ينهني في هذه الآية صراحة عن الاستغفار والدعاء وسوف أزيد عليه فوق السبعين ما لم أنه عنه، ولا يزال الفاروق يذكره مواقف هذا الظالم المنافق ويقول له ﷺ فداك أبي وأمي إن الله قد نهاك في هذه الآية وقد وردت الأحاديث الصحيحة الكثيرة في هذا المعنى، ولم يقتنع المصطفى ﵊ بكلام عمر رضي الله تعالى عنه ثم ينزل القرآن الكريم لفصل الخطاب إذ يقول جل وعلا: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ . ولقد عرفنا إن شاء الله تعالى أثناء سرد هذه الأدلة من الكتاب والسنة أن تسمية الشيخ النبهاني لكتابه ذلك باطل شرعا، وعقلا، وأما الشرع فقد مضت بعض الأدلة على ذلك فارجع إليها أيها الأخ الكريم بالنظر الصحيح، والعقل السليم، وأما العقل فهو يمنع الإنسان الفطري عن هذه الغواية،
1 / 106