وغدفري هرمن
33
وولهلم ملر وكثيرون غيرهم، ومعظمهم من الألمان مع أن النافخين في ذلك البوق كانوا في بدء الأمر من الفرنسيس، وكأنهم أرادوا أن ينكروا على رجل فرد الاستئثار بتلك السلطة الفكرية؛ فوزعوها على عامة الشعراء كما أنكروا على الملوك والحكام الاستئثار بالسلطة الحاكمة؛ فنهضوا إلى توزيعها على الأمة.
ولم ينقض العقدان الأولان من القرن التاسع عشر حتى خمدت ثورة الأفكار، وانثنى العلماء إلى إعادة البحث، وإمعان النظر ثم ما لبث ذلك المذهب أن تلاشى أو كاد على يد جماعة من فطاحل العلماء، وفي مقدمتهم أتفرد ملر
34
فإنه لم يقصر بحثه على الفلسفة والخيال بل تعهد بنفسه جميع المواقع المذكورة في شعر هوميروس وغيره من كتبة الأقدمين، وكتب تاريخا مطولا لآداب قدماء اليونان توفي سنة 1840 وهو يشتغل فيه، وقد أثبت بما جمع من الأدلة وجود هوميروس، وأن الإلياذة من نظمه. ولم يكن ولكر بأقل من ملر تضلعا في هذا البحث، فإنه كتب الأسفار الطوال بتاريخ اليونان، ووصف آدابهم وأفاض في الشعر الهوميري
35
فتداعت على يده ويد ملر دعائم المذهب الولفي، ولكن الذي قوضها تقويضا إنما كان غريغور نتسش، وله في تاريخ اليونان المجلدات الضخمة والحجج المسندة إلى البينات.
36
وهكذا فإن الألمان الذين شنوا هذه الغارة أثاروا من جماعتهم من تصدى لدفعها بسواعد أشد وأدلة أقوى، ومع هذا فلم يزل بينهم من يقول بالرأي الولفي مع أن معظم علمائهم، ومحققي الإنكليز والفرنسيس، ومشايعي فيكو الإيطالي قد نبذوه منذ طويل، وإن المقام ليضيق عن ذكر أسمائهم جميعا فضلا عن إيراد أدلتهم فنجتزئ بالإشارة إلى بعضهم ممن اشتهر بولوج هذا الباب كالأستاذ بلاكي
صفحة غير معروفة