جاءت سلوى تقول: يا بنت الإيه لقيتي القمر دا فين؟ صحيح هو مش أحلى من جوزي، بس حلو. - بس بطلي هزار، أنا مرتبكة أوي. - مش بتقولي زميلك! يعني في وشك ليل نهار، معقولة مش عارفة إنه جاي. - لأ، أصلي ... لسه مبهدلاه الصبح. - يا خراشي عليكي! طب الحقيه قبل ما يطفش يا فوزية، وأنا هامدد على سريرك شوية لأني تعبانة أوي.
خرجت وأنا أرتجف خجلا واضطرابا، واقتربت من الصالون فنادتني أمي لأحمل صينية العصير فقلت لها: لو شيلتها هتدلق عليه، فبلاش فضايح.
دخلت وألقيت التحية عليه دون أن أنظر إليه، وجلست على أبعد كرسي عنه، وظل سليم يتحدث معه في الموضوعات التي يعلم أني لا بد أن أشترك فيها وأنا صامتة، ومكتفية بمشاهدة السجادة التي تغطي الأرض وكأني أراها لأول مرة، وانتبهت على صوت سليم وهو يقول: نهلة، الأستاذ عصام بيسألك بتحبي تقري إيه؟ - أنا؟ أه، كل أنواع الروايات والكتب التاريخية وكتب علم النفس، وانت بتحب القراءة؟ - مش أوي، مش دايما ألاقي الكتاب اللي بيشدني، لكن لو ساعدتيني ورشحتي لي كتب ممكن نقراها ونتناقش فيها.
احمرت وجنتاي وفوجئت بانسحاب سليم ليجيب على موبايله، بينما قامت أمي لعمل الشاي مع الجاتوه وفقا لبروتوكولها في استقبال العرسان، فابتسم عصام وقال: اللي يشوفك في الشغل وانتي بتتكلمي ولا على الموبايل وانتي بتبهدليني ما يشوفكيش حالا وانتي ما بتتكلميش كلمتين على بعض.
استجمعت شجاعتي ورفعت رأسي وقلت: جاي ليه؟ - أخوكي ما قالكيش؟ عاوز أخطبك. - ليه أنا؟ - لأنك مختلفة عن كل اللي عرفتهم قبل كده، محترمة وعاقلة وطموحة ومثقفة. - ويا ترى كل واحدة بتعجبك بتروح تخطبها؟ - مش فاهمك. - يعني كل واحدة ما بتعرفش توصل لها بتعمل موضوع الخطوبة دا لعبتك عشان توصلها؟
فغضب وقال: أنا عمري ما خطبت قبل كده، ومش أنا اللي أدخل بيوت الناس عشان أستغل بناتهم، إنتي فاكراني إيه، سافل؟ ولا ما بافهمش إن البيوت لها حرمة؟ - برضه ما جاوبتنيش ليه أنا؟
سكت قليلا ثم قال برقة: أعتقد الإجابة كانت على قلبي اللي بعتهولك.
احمرت وجنتاي وخفق قلبي بقوة ولم أستطع النظر في عينيه، وقبل أن أتكلم فوجئنا بصراخ سلوى، فجريت بسرعة تجاهها، فقالت أمي لسليم بسرعة هات تاكسي أختك بتولد.
فقال عصام: أنا معايا عربيتي تحت هادورها على ماتنزلوا.
نزلنا مسرعين، ومن حسن الحظ أن سلوى كانت أعدت حقيبة الولادة الخاصة بها وأحضرتها معها، فحملتها بينما أمسكها سليم ونزلنا وركبنا سيارة عصام وتوجهنا للمستشفى ودخلنا بها أنا وأمي، وبقي عصام مع سليم، وعندما أتى زوج سلوى انصرف عصام وترك رقمه مع سليم الذي شكره كثيرا. أرسل لي بعد ساعتين على الواتس يسألني عن سلوى، فأخبرته أنها أنجبت ولدا فهنأني، فاعتذرت له عن الموقف الذي وضعناه فيه، فقال إنه لأول مرة يشهد ولادة لأن إخوته كلهم ذكور، والآن فقط أدرك كم تعبت أمه فيهم. حصلت في اليومين التاليين على إجازة لأعتني بسلوى مع أمي، فلم أر عصام، وبعد يومين قال لي سليم: عصام بيسأل عن ردك. - إنت رأيك فيه إيه؟ - حسب اللي عرفته كويس، بس لسه مسألتش عنه. - وحكيت له عن بابا؟ - لأ، أنا فاكره عارف. - لأ طبعا ما باحكيش لحد، يبقى تقابله لوحدكم في أي مكان وتشرح له ظروفنا، واديله فرصة يفكر، وانت كمان تسأل عنه، بس ... - مالك؟ - خايفة منه لأنه معروف عنه في الشغل إنه دونجوان، وخايفة يفضل كده. - كل الشباب بيبقوا كده، ولما بيتجوزوا ويشيلوا المسئولية بيعقلوا. - هنشوف، بس اعمل اللي اتفقنا عليه، مش يمكن لما يعرف ظروفنا يغير رأيه؟
صفحة غير معروفة