الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء
محقق
محمد عبد القادر عطا
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ
مكان النشر
بيروت
عرفة، وجبريل معهما يريهما الأعلام، حتى نزلا بنمرة، وجعل يريه أعلام عرفات، وكان إبراهيم قد عرفها قبل ذلك، فقال إبراهيم: قد عرفت: فسميت عرفات.
فلما زاغت الشمس خرج بهما جبريل ﵇، حتى انتهى بهما إلى موضع المسجد اليوم، فقام إبراهيم فتكلم بكلمات، وإسماعيل جالس، ثم جمع بين الظهر والعصر، ثم ارتفع بهما إلى الهضاب، فقاما على أرجلهما يدعوان إلى أن غابت الشمس وذهب الشعاع، ثم دفعا من عرفة على أقدامهما، حتى انتهيا إلى جمع فنزلا، فصلى إبراهيم المغرب والعشاء فى ذلك الموضع الذى يصلى فيه اليوم، ثم باتا حتى إذا طلع الفجر وقفا على قزح، فلما أسفر قبل طلوع الشمس دفعا على أرجلهما حتى انتهيا إلى محسر، فأسرعا حتى قطعاه ثم عادا إلى مشيهما الأول، ثم رميا جمرة العقبة بسبع حصيات حملاها من جمع، ثم نزلا من منى فى الجانب الأيمن، ثم ذبحا فى المنحر اليوم، وحلقا رؤسهما، ثم أقاما أيام منى يرميان الجمار حين تزيغ الشمس ماشيين ذاهبين وراجعين، وصدرا يوم الصدر فصليا الظهر بالأبطح، وكل هذا يريه جبريل ﵇.
قال أبو الجهم: فلما فرغ إبراهيم من الحج انطلق إلى منزله بالشام، فكان يحج البيت كل عام، وحجته سارة، وحجه إسحاق ويعقوب والأسباط، والأنبياء هلم جرا.
وحجه موسى بن عمران ﵇.
روى الواقدى بإسناد له عن ابن عباس قال: مر موسى ﵇، بصفاح الروحاء يلبى، تجاوبه الجبال، عليه عباءتان قطوانيتان من عباء الشام.
وعن جابر بن عبد الله قال: حج هارون نبى الله البيت، فمر بالمدينة يريد الشام، فمرض بالمدينة فأوصى أن يدفن بأصل أحد، ولا تعلم به يهود، مخافة أن ينبشوه فدفنوه فقبره هناك.
وعن ابن عباس، أن الحواريين كانوا إذا بلغوا الحرم نزلوا يمشون حتى يأتوا البيت.
وعن ابن الزبير: أن الحواريين خلعوا نعالهم حين دخلوا الحرم، إعظاما أن ينتعلوا فيه.
ثم توفى الله خليله إبراهيم ﷺ، بعد أن وجه إليه ملك الموت، فاستنظره إبراهيم، ثم أعاده إليه لما أراد الله قبضه، فأخبره بما أمر به، فسلم إبراهيم لأمر ربه ﷿ فقال له ملك الموت: يا خليل الله، على أى حال تحب أن أقبضك؟ قال: تقبضنى وأنا ساجد، فقبضه وهو ساجد، وصعد بروحه إلى الله ﷿، ودفن إبراهيم ﵇ بالشام «١» .
_________
(١) قال ابن كثير: قد روى ابن عساكر عن غير واحد من السلف، عن أخبار أهل الكتاب فى-
1 / 43