64

الاختيار لتعليل المختار

محقق

محمود أبو دقيقة

الناشر

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٥٦ هجري

مكان النشر

القاهرة

وَلَا يَزِيدُ فِي النَّهَارِ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ، وَطُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ، وَالْقِرَاءَةُ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ.
فَصْلٌ
التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِتَشَهُّدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ: " أَنَّهُ ﵊ «كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ»، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: مَعْنَاهُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالتَّشَهُّدِ.
(وَلَا يَزِيدُ فِي النَّهَارِ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ.
قَالَ: (وَطُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " طُولُ الْقُنُوتِ» ; لِأَنَّهُ أَشَقُّ وَلِأَنَّ فِيهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ التَّسْبِيحِ. قَالَ: (والْقِرَاءَةُ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ) لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِالتَّحْرِيمَةِ سِوَى شَفْعٍ وَاحِدٍ، وَالْقِيَامُ إِلَى الثَّالِثَةِ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ حَتَّى قَالْوا يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ فِي الثَّالِثَةِ. وَيَجُوزُ لِلرَّاكِبِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ يُومِئُ إِيمَاءً إِذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ يُومِئُ إِيمَاءً» . وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لِأَنَّهُمَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ خَارِجَ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الرُّكُوبِ فِيهِ أَغْلَبُ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمِصْرُ.
[بَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]
فَصْلٌ (التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَبَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِ الْمُوَاظَبَةِ وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا، وَوَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. قَالَ ﵊: «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» .
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنِ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ؟ فَقَالَ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَمْ يَتَخَرَّصْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّاهَا جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ:

1 / 68