38

الاختيار لتعليل المختار

محقق

محمود أبو دقيقة

الناشر

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٥٦ هجري

مكان النشر

القاهرة

إِلَّا بعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ.
بَابُ الْأَذَانِ وَصِفَتُهُ مَعْرُوفَةٌ وَلَا تَرْجِيعَ فِيهِ، وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ (ف)، وَيَزِيدُ فِيهَا بَعْدَ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ»، وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى آخَرِ وَقْتِهَا، وَيُقَدِّمُ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.
قَالَ: (إِلَّا بِعَرَفَةَ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ.
(وَالْمُزْدَلِفَةُ) بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَسَيَأْتِيكَ فِي الْمَنَاسِكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[بَابُ الْأَذَان والإقامة]
بَابُ الْأَذَانِ
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: مُطْلَقُ الْإِعْلَامِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٣] .
وَفِي الشَّرْعِ: الْإِعْلَامُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَعْلُومَةٍ مَأْثُورَةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُحْكَمَةٌ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْمٍ صَلُّوا فِي الْمِصْرِ بِجَمَاعَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ: خَالَفُوا السُّنَّةَ وَأَثِمُوا، وَقِيلَ: هُوَ وَاجِبٌ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ لَقَاتَلْتُهُمْ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كَالْوَاجِبِ فِي الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا، وَإِنَّمَا يُقَاتِلُ عَلَى تَرْكِهِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ الْإِسْلَامِ وَشَعَائِرِهِ.
(وَصِفَتُهُ مَعْرُوفَةٌ) وَهِيَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. هَكَذَا حَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ أَذَانَ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ، وَوَافَقَهُ عُمَرُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلِّمْهُ بِلَالًا فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا» وَعَلَّمَهُ فَكَانَ يُؤَذِّنُ بِهِ.
قَالَ: (وَلَا تَرْجِيعَ فِيهِ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ رَوَوْا أَذَانَ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْأَذَانِ لَمْ يَرْوُوا التَّرْجِيعَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ قَالْوا: ثُمَّ صَبَرَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَزَادَ فِيهِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا تَرْجِيعَ فِي الْإِقَامَةِ إِجْمَاعًا، وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ لَقَّنَ أَبَا مَحْذُورَةَ الْأَذَانَ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ» فَإِنَّهُ كَانَ تَعْلِيمًا، وَالتَّعْلِيمُ غَالِبًا يَرْجِعُ فِيهِ لِلْحِفْظِ فَظَنَّهُ مِنَ الْأَذَانِ، وَالتَّرْجِيعُ أَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرْفَعُ بِهِمَا صَوْتَهُ.
قَالَ: " وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ، وَيَزِيدُ فِيهَا بَعْدَ

1 / 42