الاختيار لتعليل المختار
محقق
محمود أبو دقيقة
الناشر
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٥٦ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
الفقه الحنفي
وَمَا تَرَاهُ الْحَامِلُ (ف) اسْتِحَاضَةٌ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا الْوَطْءَ، وَمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَلْوَانِ فِي مُدَّةِ حَيْضِهَا حَيْضٌ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ الْخَالِصَ، وَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ فِي الْمُدَّةِ حَيْضٌ، وَهُوَ يُسْقِطُ عَنِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ أَصْلًا. وَيُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّوْمَ فَتَقْضِيهِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
قَالَ: (وَمَا تَرَاهُ الْحَامِلُ اسْتِحَاضَةٌ) لِأَنَّهَا لَا تَحِيضُ لِأَنَّ بِالْحَمْلِ يَنْسَدُّ فَمُ الرَّحِمِ، وَيَصِيرُ دَمُ الْحَيْضِ غِذَاءً لِلْجَنِينِ فَلَا يَكُونُ حَيْضًا.
قَالَ: (وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا الْوَطْءَ) لِقَوْلِهِ ﵊ لِلْمُسْتَحَاضَةِ «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ قَطْرًا» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ»، وَلَا يَمْنَعُ كَالرُّعَافِ.
قَالَ: (وَمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَلْوَانِ فِي مُدَّةِ حَيْضِهَا حَيْضٌ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ الْخَالِصَ) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَعْرِضْنَ الْكَرَاسِفَ عَلَى عَائِشَةَ، فَكَانَتْ إِذَا رَأَتِ الْكُدْرَةَ قَالَتْ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ»، أَيِ الْبَيَاضَ الْخَالِصَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَكُونُ الْكَدْرَةُ حَيْضًا إِلَّا بَعْدَ الدَّمِ ; لِأَنَّ الْكَدْرَةَ مَا يَتَكَدَّرُ، وَأَوَّلُ الشَّيْءِ لَا يَتَكَدَّرُ. وَلَنَا مَا رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَلِأَنَّهَا مِنْ أَلْوَانِ الدَّمِ، فَسَوَاءٌ كَانَتْ أَوَّلًا وَآخِرًا كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَلْوَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوَّلُ الشَّيْءِ لَا يَتَكَدَّرُ. قُلْنَا: لِمَ قُلْتَ: إِنَّ هَذَا أَوَّلَهُ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي إِنَاءٍ يَسِيلُ مِنْ أَعْلَاهُ وَهَذَا يَسِيلُ مِنْ أَسْفَلِهِ؟ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْكُدْرَةُ أَوَّلًا كَالْجَرَّةِ يُثْقَبُ أَسْفَلُهَا فَإِنَّهُ يَسِيلُ الْكَدَرُ أَوَّلَا كَذَا هَذَا. وَحُكْمُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِخُرُوجِ الدَّمِ إِلَى الْفَرْجِ الْخَارِجِ ; لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ فَهُوَ فِي مَعْدِنِهِ.
قَالَ: (وَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ فِي الْمُدَّةِ حَيْضٌ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ لَا تُسْتَوْعَبُ بِالدَّمِ فَاعْتُبِرَ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا.
قَالَ: (وَهُوَ يُسْقِطُ عَنِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ أَصْلًا، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّوْمَ فَتَقْضِيهِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كُنَّ النِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقْضِينَ الصَّوْمَ وَلَا يَقْضِينَ الصَّلَاةَ»، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ
1 / 27