205

الاختيار لتعليل المختار

محقق

محمود أبو دقيقة

الناشر

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٥٦ هجري

مكان النشر

القاهرة

وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ (م)، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكِرْبَاسِ بِالْقُطْنِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ، وَلَا السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ إِلَّا بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ، وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ (س)، وَيُكْرَهُ السَّفَاتِجُ.
بَابُ السَّلَمِ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا.
قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ إِذَا بَاعَهُ بِجِنْسِهِ إِلَّا بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّحْمُ الْمُفْرَزُ أَكْثَرَ مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الشَّاةِ لِيَكُونَ الْفَاضِلُ بِالسَّقْطِ تَحَرُّزًا عَنِ الرِّبَا، وَهُوَ زِيَادَةُ السَّقْطِ وَصَارَ كَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ بَاعَ مَوْزُونًا بِعَدَدِيٍّ، وَلَا يُعْرَفُ مَا فِيهِ مِنَ اللَّحْمِ بِالْوَزْنِ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُخَفِّفُ نَفْسَهُ فِي الْمِيزَانِ مَرَّةً وَيُثَقِّلُهَا أُخْرَى بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَالزَّيْتُونِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُعْرَفُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ فَافْتَرَقَا.
قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكِرْبَاسِ بِالْقُطْنِ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ وَالْمِعْيَارِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْقُطْنُ بِالْغَزْلِ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِمَا ذَكَرْنَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِلْمُجَانَسَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ، وَلَا السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ إِلَّا بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ) تَحَرُّزًا عَنِ الرِّبَا وَشُبْهَتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا شَابَهَهُ كَالْعِنَبِ بِدِبْسِهِ وَالْجَوْزِ بِدُهْنِهِ وَأَمْثَالِهِ، وَاللُّحْمَانُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا حَتَّى لَا يُكَمَّلَ نِصَابُ بَعْضِهَا مِنَ الْآخَرِ، إِلَّا أَنَّ الْبَقَرَ وَالْجَوَامِيسَ جِنْسٌ، وَالْمَعَزَ وَالضَّأْنَ جِنْسٌ، وَالْبَخْتَ وَالْعِرَابَ جِنْسٌ، وَكَذَلِكَ الْأَلْبَانُ وَالشَّحْمُ وَالْأَلْيَةُ جِنْسَانِ، وَشَحْمُ الْجَنْبِ لَحْمٌ وَيُعْرَفُ تَمَامُهُ فِي الْأَيْمَانِ.
قَالَ: (وَلَا رِبًا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَعَلَى هَذَا الْقِمَارِ لِأَنَّ الرِّبَا وَالْقِمَارَ حَرَامٌ، وَلَا يَحِلُّ فِي دَارِهِمْ كَالْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا. وَلَهُمَا أَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْأَمَانِ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ تَحَرُّزًا عَنِ الْغَدْرِ وَنَقْضِ الْعَهْدِ، فَإِذَا رَضَوْا بِهِ حَلَّ أَخْذُهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ، لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِالْأَمَانِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ السَّفَاتِجُ) وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ أَمْنَ الطَّرِيقِ، لِقَوْلِهِ ﵊: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا» وَصُورَتُهُ أَنْ يُقْرِضَهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ عِوَضُهَا فِي بَلَدِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَحْمِيَهُ فِي الطَّرِيقِ.
[بَابُ السَّلَمِ]
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيمُ وَكَذَلِكَ السَّلَفُ.
وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِعَقْدٍ يُوجِبُ الْمِلْكَ فِي الثَّمَنِ عَاجِلًا وَفِي الْمُثَمَّنِ آجِلًا، وَسُمِّيَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُوبِ تَقْدِيمِ الثَّمَنِ، وَقَالَ

2 / 33