الاختيار لتعليل المختار
محقق
محمود أبو دقيقة
الناشر
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٥٦ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
الفقه الحنفي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى جِدَارِ التُّرْبَةِ فَهُوَ أَهَيْبُ وَأَعْظَمُ لِلْحُرْمَةِ، وَيَقِفُ كَمَا يَقِفُ فِي الصَّلَاةِ، وَيُمَثِّلُ صُورَتَهُ الْكَرِيمَةَ الْبَهِيَّةَ ﷺ كَأَنَّهُ نَائِمٌ فِي لَحْدِهِ، عَالِمٌ بِهِ يَسْمَعُ كَلَامَهُ، قَالَ ﷺ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ» وَفِي الْخَبَرِ: «أَنَّهُ وُكِّلَ بِقَبْرِهِ مَلَكٌ يُبَلِّغُهُ سَلَامَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِهِ»، وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ الرَّحْمَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَفِيعَ الْأُمَّةِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُزَّمِّلُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُدَّثِّرُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَدُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ قَوْمِهِ، وَرَسُولًا عَنْ أُمَّتِهِ ; أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ، وَنَصَحْتَ الْأُمَّةَ، وَأَوْضَحْتَ الْحُجَّةَ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَاتَلْتَ عَلَى دِينِ اللَّهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رُوحِكَ وَجَسَدِكَ وَقَبْرِكَ صَلَاةً دَائِمَةً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ وَفْدُكَ، وَزُوَّارُ قَبْرِكَ، جِئْنَاكَ مِنْ بِلَادٍ شَاسِعَةٍ، وَنَوَاحٍ بَعِيدَةٍ، قَاصِدِينَ قَضَاءَ حَقِّكَ، وَالنَّظَرَ إِلَى مَآثِرِكَ، وَالتَّيَامُنَ بِزِيَارَتِكَ، وَالِاسْتِشْفَاعَ بِكَ إِلَى رَبِّنَا، فَإِنَّ الْخَطَايَا قَدْ قَصَمَتْ ظُهُورَنَا، وَالْأَوْزَارَ قَدْ أَثْقَلَتْ كَوَاهِلَنَا، وَأَنْتَ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ، الْمَوْعُودُ بِالشَّفَاعَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٦٤] وَقَدْ جِئْنَاكَ ظَالِمِينَ لِأَنْفُسِنَا، مُسْتَغْفِرِينَ لِذُنُوبِنَا، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، وَأَسْأَلْهُ أَنْ يُمِيتَنَا عَلَى سُنَّتِكَ، وَأَنْ يَحْشُرَنَا فِي زُمْرَتِكَ، وَأَنْ يُورِدَنَا حَوْضَكَ، وَأَنْ يَسْقِيَنَا كَأْسَكَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَادِمِينَ، الشَّفَاعَةَ الشَّفَاعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقُولُهَا ثَلَاثًا: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾ [الحشر: ١٠] الْآيَةَ.
وَيُبَلِّغُهُ سَلَامَ مَنْ أَوْصَاهُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، يَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى رَبِّكِ فَاشْفَعْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ; ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ مَا شَاءَ.
وَيَتَحَوَّلُ قَدْرَ ذِرَاعٍ حَتَّى يُحَاذِيَ رَأْسَ الصِّدِّيقِ ﵁ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَارِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَفِيقَهُ فِي الْأَسْفَارِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَهُ عَلَى الْأَسْرَارِ، جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى إِمَامًا عَنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِ، وَلَقَدْ خَلَفْتَهُ بِأَحْسَنِ خَلَفٍ. وَسَلَكْتَ طَرِيقَهُ وَمِنْهَاجَهُ خَيْرَ مَسْلَكٍ، وَقَاتَلْتَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَالْبِدَعِ، وَمَهَّدْتَ الْإِسْلَامَ، وَوَصَلْتَ الْأَرْحَامَ، وَلَمْ تَزَلْ قَائِلًا الْحَقَّ، نَاصِرًا لِأَهْلِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، فَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ; اللَّهُمَّ أَمِتْنَا عَلَى حُبِّهِ، وَلَا تُخَيِّبْ سَعْيَنَا فِي زِيَارَتِهِ
1 / 176