إحَاطَةً عِنْدَنَا عَلَى الْمَغِيبِ وَلَكِنَّهُ صِدْقٌ عَلَى الظَّاهِرِ بِصِدْقِ الْمُخْبِرِ عِنْدَنَا، وَإِنْ أَمْكَنَ فِيهِ الْغَلَطُ فَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى الْفَرْضِ عَلَيْنَا مِنْ قَبُولِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يُؤْخَذُ عَدَدُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْهُ ﷺ إلَّا بِأَحَدِ الدَّلَائِلِ الَّتِي قَبِلْنَا بِهَا عَدَدًا مِنْ الشُّهُودِ فَرَأَيْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْهُ فَلَزِمَنَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ نَقْبَلَ خَبَرَهُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ كَمَا لَزِمَنَا قَبُولُ عَدَدِ مَنْ وَصَفْت عَدَدَهُ فِي الشَّهَادَةِ بَلْ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْهُ أَقْوَى سَبَبًا بِالدَّلَالَةِ عَنْهُ ثُمَّ مَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا مِنْ أَحَدٍ مِنْ مَاضِي أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَتَابِعِيهِمْ إلَى الْيَوْمِ خَبَرًا نَصًّا مِنْهُمْ وَدَلَالَةً مَعْقُولَةً عَنْهُمْ مِنْ قَبُولِ عَدَدِ الشُّهُودِ فِي بَعْضِ مَا قَبِلْنَا فِيهِ.
وَقَدْ كَتَبْتُ فِي كِتَابِ " جِمَاعِ الْعِلْمِ " الدَّلِيلَ عَلَى مَا وَصَفْت مِمَّا اكْتَفَيْت فِي رَدِّ كَثِيرٍ مِنْهُ فِي كِتَابِي هَذَا وَقَدْ رَدَدْت مِنْهُ جُمَلًا تَدُلُّ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ كِتَابَ جِمَاعِ الْعِلْمِ عَلَى مَا وَرَاءَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَيَكُونُ الْإِخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ؟ قِيلَ: الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَبَرَانِ فَخَبَرُ عَامَّةٍ عَنْ عَامَّةٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ يَحْمِلُ مَا فُرِضَ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَأْتُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَيُؤْتُوا بِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَهَذَا مَا لَا يَسَعُ جَهْلُهُ وَمَا كَانَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَوَامِّ أَنْ يَسْتَوُوا فِيهِ لِأَنَّ كُلًّا كُلِّفَهُ كَعَدَدِ الصَّلَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَأَنَّ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ حَقًّا فِي أَمْوَالِهِمْ وَخَبَرُ خَاصَّةٍ فِي خَاصِّ الْأَحْكَامِ لَمْ يُكَلَّفْهُ الْعَامَّةُ لَمْ يَأْتِ أَكْثَرُهُ كُلَّمَا جَاءَ الْأَوَّلُ وَكُلِّفَ عَلِمَ ذَلِكَ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِلْخَاصَّةِ بِهِ دُونَ الْعَامَّةِ وَهَذَا مِثْلُ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوٌ يَجِبُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ فِيمَا لَا يَجِبُ بِهِ سُجُودُ سَهْوٍ، وَمَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ وَمَا تَجِبُ بِهِ الْبَدَنَةُ وَلَا تَجِبُ مِمَّا يُفْعَلُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ، وَهُوَ الَّذِي عَلَى الْعُلَمَاءِ فِيهِ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَبُولُ خَبَرِ الصَّادِقِ عَلَى صِدْقِهِ وَلَا يَسَعُهُمْ رَدُّهُ كَمَا لَا يَسَعُهُمْ رَدُّ الْعَدَدِ مِنْ الشُّهُودِ الَّذِينَ قَبِلُوا شَهَادَتَهُمْ وَهُوَ حَتَّى صَدَقَ عِنْدَهُمْ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا يُقَالُ فِيمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فَمَنْ أَدْخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ شَيْئًا دَخَلَ عَلَيْهِ فِي قَبُولِ عَدَدِ الشُّهُودِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِنَصٍّ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ مِثْلُ الشُّهُودِ عَلَى الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ الدَّلَالَةُ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ النَّاسُ مُسْتَقْبِلِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ حَوَّلَهُمْ اللَّهُ إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَأَتَى أَهْلَ قُبَاءَ آتٍ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ كِتَابًا وَأَنَّ الْقِبْلَةَ حُوِّلَتْ إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَجَمَاعَةً كَانُوا يَشْرَبُونَ فَضِيخَ بُسْرٍ وَلَمْ يُحَرَّمْ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ شَيْءٌ فَأَتَاهُمْ آتٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَأَمَرُوا أُنَاسًا فَكَسَرُوا جِرَارَ شَرَابِهِمْ ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ لَا يُحْدِثُونَ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَيُشْبِهُ أَنْ لَوْ كَانَ قَبُولُ خَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُمْ وَهُوَ صَادِقٌ عِنْدَهُمْ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُمْ قَبُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ كُنْتُمْ عَلَى قِبْلَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ أَنْ تُحَوَّلُوا عَنْهَا إذْ كُنْت حَاضِرًا مَعَكُمْ حَتَّى أُعْلِمَكُمْ أَوْ يُعْلِمَكُمْ جَمَاعَةٌ أَوْ عَدَدٌ يُسَمِّيهِمْ لَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْحُجَّةَ تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهَا لَا بِأَقَلَّ مِنْهَا إنْ كَانَتْ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُ بِوَاحِدٍ وَالْفَسَادُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا عِنْدَ عَالَمٍ وَهِرَاقَةُ حَلَالٍ فَسَادٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْحُجَّةُ أَيْضًا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُمْ بِتَحْرِيمٍ لَأَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ قَدْ كَانَ لَكُمْ حَلَالٌ وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ إفْسَادُهُ حَتَّى أُعْلِمَكُمْ أَنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَزَّ - حَرَّمَهُ أَوْ يَأْتِيَكُمْ عَدَدٌ يَحُدُّهُ لَهُمْ يُخْبِرُ عَنِّي بِتَحْرِيمِهِ.
«وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُعْلِمَ امْرَأَةً أَنْ تُعْلِمَ زَوْجَهَا إنْ قَبَّلَهَا وَهُوَ صَائِمٌ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ» وَلَوْ لَمْ يَرَ الْحُجَّةَ تَقُومُ عَلَيْهِ بِخَبَرِهَا إذَا صَدَقَهَا لَمْ يَأْمُرْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِهِ «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ رَجُلٍ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» وَفِي ذَلِكَ إفَاتَةُ
8 / 588