إخوان الصفا وخلان الوفا هؤلاء جماعة اجتمعوا على تصنيف كتاب في أنواع الحكمة الأولى ورتبوه مقالات عدتها إحدى وخمسون مقالة خمسون منها في خمسين نوعا من الحكمة ومقالة حادية وخمسون جامعة لأنواع المقالات على طريق الاختصار والإيجاز وهي مقالات مشوقات غير مستقصاة ولا ظاهرة الأدلة والاحتجاج وكأننا للتنبيه والإيماء إلى المقصود الذي يحصل عليه الطالب لنوع من أنواع الحكمة. ولما كتم مصنفوها أسماءهم اختلف الناس في الذي وضعها فكل قوم قالوا قولا بطريق الحدس والتخمين فقوم قالوا هي من كلام بعض الأئمة من نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه واختلفوا في اسم الإمام الواضع لها اختلافا لا يثبت له حققة وقال آخرون هي تصنيف بعض متكلمي المعتزلة في العصر الأول ولم أزل شديد البحث والتطلب لذكر مصنفها حتى وقفت على كلام لأبي حيان التوحيدي جاء في جواب له عن أمر سأله عن وزير صمصام الدولة بن عضد الدولة في حدود سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وصورته قال أبو حيان حاكيا عن الوزير المذكور حدثني عن شيء هو أهم من هذا إلي وأخطر على بالي أني لا أزال أسمع من زيد بن رفاعة قولا يربيني ومذهبا لا عهد لي به وكناية عما لا أحقه وإشارة إلى ما لا يتوضح شيء منه يذكر الحروف ويذكر النقط ويزعم أن الباء لم تنقط من تحت واحدة إلا لسبب والتاء لم تنقط من فوق اثنتين إلا لعلة والألف لم تعجم إلا لغرض وأشباه هذا وأشهد منه في غرض ذلك دعوى يتعاظم بها وينتفخ بذكرها فما حديثه وما شأنه وما دخلته فقد يلغي يا أبا حيان أنك تغشاه وتجلس إليه وتكثر عنده ولك معه نوادر معجبة ومن طالت عشرته لإنسان صدقت خبرته وأمكن اطلاعه على مستكن رأيه وخافي مذهبه فقلت أيها الوزير أنت الذي تعرفه قبلي قديما وحديثا بالاختيار والاستخدام وله منك الإمرة القديمة والنسبة المعروفة فقال دع هذا وصفه لي فقلت هناك ذكاء غالب وذهن وقاد ومتسع في قول النظم والنثر مع الكتابة البارعة في الحساب والبلاغة وحفظ أيام الناس وسماع المقالات وتبصر في الآراء والديانات وتصرف في كل فن إما بالشدو والموهم وإما بالتوسط المفهم وإما بالتناهي المفخم قال فعلى هذا ما مذهبه قلت لا ينسب إلى شيء ولا يعرف برهط لجيشانه بكل شيء وعليانه بكل باب ولاختلاف ما يبدو من بستطه ببيانه وسقوطه بلسانه وقد أقام بالبصرة زمانا طويلا وصادف بها جماعة لأصناف العلم وأنواع الصناعة منهم أبو سليمان محمد بن معشر البيستي ويعرف بالمقدسي وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني وأبو أحمد المهرجاني والعوفي وغيرهم فصحبهم وخدمهم وكانت هذه العصابة قد تألفت بالعشرة وتصافت بالصداقة واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة فوضعوا بينهم مذهبا زعموا أنهم قربوا به الطريق إلى الفرز برضوان الله وذلك أنهم قالوا أن الشريعة قد دنست بالجهالات واختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال وصنفوا خمسين رسالة في جميع أجزاء الفلسفة علميها وعمليها وأفردوا لها فهرسا وسموه رسائل إخوان الصفا وكتموا فيه أسماءهم وبنوها ي الوراقين ووهبوها للناس وحشوا هذه الرسائل بالكلمات الدينية والأمثال الشرعية والحروف المحتملة والطرق المموهة قال الوزير فهل رأيت جملة منها وهي مبثوثة من كل فن بلا إشباع ولا كفاية وفيها خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات وحملت عدة منها إلى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني محمد بن بهرام وعرضتها عليه فنظر فيها أياما وتبحرها طويلا ثم ردها علي وقال تعبوا وما أغنوا ونصبوا وما أجدوا وحاموا وما ردوا وغنوا فما أطربوا ونسجوا فهلهلوا ومشطوا ففلفلفوا ظنوا ما لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع ظنوا أنه يمكنهم أنهم يدسوا الفلسفة التي هي علم النجوم والأفلاك والمقادير والمجسطي وآثار الطبيعة والموسيقى الذي هو معرفة النغم والإيقاعات والنقرات والأوزان والمنطق الذي هو اعتبار الأقوال بالإضافات والكميات والكيفيات في الشريعة وأن يربطوا الشريعة في الفلسفة وهذا مرام دونه حدد وقد تورك على هذا قبل هؤلاء قوم كانوا أحد أنيابا وأحضر أسبابا وأعظم أقدارا وأرفع أخطارا وأوسع قوي وأوثق عرى فلم يتم لهم ما أرادوه ولا بلغوا منه ما أملوه وحصلوا على لوثات قبيحة ولطخات واضحة موحشة وعواقب مخزية فقال له البخاري ابن العباس ولم ذلك أيها الشيخ فقال إن الشريعة مأخوذة عن الله عز وجل بوساطة السفير بينه وبين الخلق من طريق الوحي وباب المناجاة وشهادة الآيات وظهور المعجزات وفي أثنائها ما لا سبيل إلى البحث عنه والغوص فيه ولا بد من التسليم المدعو إليه والمنبه عليه وهناك يسقط لم ويبطل كيف ويزول هلا ويذهب لو لويت في الريح لأن هذه المواد عنها محسوسة وجملتها مشتملة على الخير وتفصيلها موصول على حسن التقبل وهي متداولة بين متعلق بظاهر مكشوف وصحيح بتأويل معروف وناصر باللغة الشائعة وحام بالجدل المبين وذاب بالعمل الصالح وضارب للمثل السائر وراجع إلى البرهان الواضح متفقة في الحلال والحرام ومستند إلى الأثر والخبر المشهورين بين أهل الملة وراجع إلى اتفاق الأمة ليس فيها حديث المنجم في تأثيرات الكواكب وحركات الأفلاك ولا حديث صاحب الطبيعة الناظر في آثارها وما يتعلق بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وما الفاعل وما المنفعل منها وكيف تمازجها وتنافرها ولا فيها حديث المهندس الباحث عن مقادير الأشياء ولوازمها ولا حديث المنطقي الباحث عن مراتب الأقوال ومناسب الأسماء والحروف والأفعال قال فعلى هذا كيف يسوغ لإخوان الصفا أن ينصبوا من تلقاء أنفسهم دعوة تجمع حقائق الفلسفة في طريق الشريعة على أن وراء هذه الطوائف جماعة أيضا لهم مأخذ من هذه الأغراض كصاحب العزيمة وصاحب الكيمياء وصاحب الطلسم وعابر الرؤيا ومدعى السحر ومستعمل الوهم فقال ولو كانت هذه جائرة لكان الله تعالى ينبه عليها وكان صاحب الشريعة يقوم شريعته بها ويكملها باستعمالها ويتلافي نقصها بهذه الزيادة التي تجدها في غيرها أو يحض المتفلسفين على إيضاحها بها ويتقدم إليهم بإتمامها ويفرض عليهم القيام بكل ما يذب عنها حسب طاقتهم فيها ولم يفعل ذلك بنفسه ولا وكله إلى غيره من خلفائه والقائمين بدينه بل نهي عن الخوض في هذه الأشياء وكره إلى الناس ذكرها وتوعدهم عليها وقال من أتى عرافا أو كاهنا أو منجما يطلب غيب الله منه فقد حارب الله ومن حارب الله حرب ومن غالبه غلب وحتى قال لو أن الله حبس عن ذلك الناس القطر سبع سنين ثم أرسله لأصبحت طائفة كافرين يقولون مطرنا بتؤ المجدح وهذا كما ترى - والمجدح - الدبران ثم قال ولقد اختلفت الأمة ضروبا من الاختلاف في الأصول والفروع وتنازعوا فيها فنونا من التنازع في الواضح والمشكل من الأحكام والحلال والحرام والتفسير والتأويل والعيان والخبر والعادة والاصطلاح فما فزعوا في من شيء ذلك إلى منجم ولا طبيب ولا منطقي ولا هندسي ولا موسيقي ولا صاحب عزيمة وشعبذة وسحر وكيمبياء لأن الله تعالى تمم الدين بنبيه صلى الله عليه وسلم ولم يحوجه بعد البيان الوارد بالوحي إلى بيان موضوع بالرأي وقال وكما لم نجد هذه الأمة تفزع إلى أصحاب الفلسفة في شيء من أمورها فكذلك ما وجدنا أمة موسى صلى الله عليه وسلم وهي اليهود تفزع إلى الفلاسفة في شيء من دينها وكذلك أمة عيسى صلى الله عليه وسلم وهي النصارى وكذلك المجوس قال ومما يزيدك وضوحا أن الأمة اختلفت في آرائها ومذاهبها ومقالاتها أصنافا فيها وفرقا كالمعتزلة والمرجئة والشيعة والسنية والخوارج فما فوعت طائفة من هذه الطوائف إلى الفلاسفة ولا حققت مقالتها بشواهدهم وشهادتهم وكذلك الفقهاء الذين اختلفوا في الأحكام من الحلال والحرام منذ أيام السفر الأول إلى يومنا هذا لم تجدهم تظاهروا بالفلاسفة واستنصروهم وقال وأين الآن الدين من الفلسفة وأين الشيء المأخوذ بالوحي النازل من الشيء المأخوذ بالرأي الزائل فإن أدلوا بالعقل فالعقل من هبة الله عز وجل لكل عبد ولكن بقدر ما يدرك به ما يعلوه كما لا يخفى عليه ما يتلوه وليس كذلك الوحي فإنه على ثورة المنتشر وبيانه المتيسر قال ولو كان العقل يكتفي به لم يكن للوحي فائدة ولا غناء على أن منازل الناس متفاوتة في العقل وأنصباؤهم مختلفة فيه فلو كنا نستغني عن الوحي بالعقل كيف كنا نصنع وليس العقل بأسره لواحد منا فإنما هو لجميع الناس فإن قال قائل بالعنت والجهل كل عاقل موكول إلى قدر عقله وليس عليه أن يستفيد الزيادة من غيره لأمه مكفي يه وغير مطالب بما زاد عليه قيل له كفاك عارا في هذا الرأي أنه ليس لك فيه موافق ولا عليه مطابق فلو استقل إنسان واحد بعقله في جميع حالاته في دينه ودنياه لاستقل أيضا بقوته في جميع حاجاته في دينه ودنياه ولكان وحده يفي بجميع الصناعات والمعارف والمعارف وكان لا يحتاج إلى أحد من نوعه وجلسه وهذا قول مرذول ورأي مخذول قال البخاري قد اختلفت أيضا درجات النبوة بالوحي وإذا ساغ هذا بالاختلاف بالوحي ولم يكن ذلك تالما له ساغ أيضا في العقل فقال يا هذا اختلاف درجات أصحاب الوحي لم يخرجهم عن الثقة والطمأنينة بمن اصطفاهم بالوحي وخصهم بالمناجاة واجتباهم للرسالة وهذه الثقة والطمأنينة مفقودتان في الناظرين بالعقول المختلفة لأنهم على بعد من الثقة والطمأنينة إلا في الشيء القليل وعوار هذا الكلام ظاهر وخطل هذا المتكلم بين قال الوزير فما سمع شيئا من هذا المقدسي قلت بلى قد ألقيت إليه هذا وما أشبهه بالزيادة والنقصان وبالتقديم والتأخير في أوقات كثيرة بحضرة الوراقين بباب الطاق فسكت وما رآني أهلا للجواب لكن الحريري غلام بن طرارة هيجه يوما في الوراقين بمثل هذا الكلام فاندفع فقال الشريعة طب المرضى والفلسفة طب الأصحاء والأنبياء يطبون المرضى حتى لا يتزايد مرضهم وحتى يزول المرض بالعافية فقط وأما الفلاسفة فإنهم يحفظون الصحة على أصحابها حتى لا يعتريهم مرض أصلا وبين مدبر المريض وبين مدبر الصحيح فرق ظاهر وأمر مكشوف لأن غاية تدبير المرض أن ينتقل به إلى الصحة هذا إذا كان الدواء ناجعا والطبع قابلا والطبيب ناصحا وغاية تدبير الصحيح أن يحفظ الصحة فقد أفاده كسب الفضائل وفرغه لها وعرضه لاقتنائها وصاحب هذه الحال فائز بالسعادة العظمى وقد صار مستحقا للحياة الإلهية والحياة الإلهية هي الخلود والديمومة وأن كسب من يبرأ من المرض بطب صاحب الفضائل أيضا فليست تلك الفضائل من جلس هذه الفضائل لأن إحداهما تقليدية والأخرى برهانية وهذه مظنونة وهذه مستيقنة وهذه روحانية وهذه جسمية وهذه دهرية وهذه زمانية.ا في هذا الرأي أنه ليس لك فيه موافق ولا عليه مطابق فلو استقل إنسان واحد بعقله في جميع حالاته في دينه ودنياه لاستقل أيضا بقوته في جميع حاجاته في دينه ودنياه ولكان وحده يفي بجميع الصناعات والمعارف والمعارف وكان لا يحتاج إلى أحد من نوعه وجلسه وهذا قول مرذول ورأي مخذول قال البخاري قد اختلفت أيضا درجات النبوة بالوحي وإذا ساغ هذا بالاختلاف بالوحي ولم يكن ذلك تالما له ساغ أيضا في العقل فقال يا هذا اختلاف درجات أصحاب الوحي لم يخرجهم عن الثقة والطمأنينة بمن اصطفاهم بالوحي وخصهم بالمناجاة واجتباهم للرسالة وهذه الثقة والطمأنينة مفقودتان في الناظرين بالعقول المختلفة لأنهم على بعد من الثقة والطمأنينة إلا في الشيء القليل وعوار هذا الكلام ظاهر وخطل هذا المتكلم بين قال الوزير فما سمع شيئا من هذا المقدسي قلت بلى قد ألقيت إليه هذا وما أشبهه بالزيادة والنقصان وبالتقديم والتأخير في أوقات كثيرة بحضرة الوراقين بباب الطاق فسكت وما رآني أهلا للجواب لكن الحريري غلام بن طرارة هيجه يوما في الوراقين بمثل هذا الكلام فاندفع فقال الشريعة طب المرضى والفلسفة طب الأصحاء والأنبياء يطبون المرضى حتى لا يتزايد مرضهم وحتى يزول المرض بالعافية فقط وأما الفلاسفة فإنهم يحفظون الصحة على أصحابها حتى لا يعتريهم مرض أصلا وبين مدبر المريض وبين مدبر الصحيح فرق ظاهر وأمر مكشوف لأن غاية تدبير المرض أن ينتقل به إلى الصحة هذا إذا كان الدواء ناجعا والطبع قابلا والطبيب ناصحا وغاية تدبير الصحيح أن يحفظ الصحة فقد أفاده كسب الفضائل وفرغه لها وعرضه لاقتنائها وصاحب هذه الحال فائز بالسعادة العظمى وقد صار مستحقا للحياة الإلهية والحياة الإلهية هي الخلود والديمومة وأن كسب من يبرأ من المرض بطب صاحب الفضائل أيضا فليست تلك الفضائل من جلس هذه الفضائل لأن إحداهما تقليدية والأخرى برهانية وهذه مظنونة وهذه مستيقنة وهذه روحانية وهذه جسمية وهذه دهرية وهذه زمانية. قال المؤلف ثم أن أبا حيان ذكر تمام المناظرة بينهما فأطال فتركه إذ ليس ذلك من شرط هذا التأليف والله الموفق.
حرف الباء الموحدة
في أسماء الحكماء
برقلس ديدوخس أفلاطوني من أهل أطاطولة وهو برقلس القائل بالدهر الذي تجرد للرد عليه يحيى النحوي بكتاب كبير صنفه في ذلك وهو عندي ولله الحمد والمنة على كل خير وذكر يحيى النحوي في المقالة الأولى من الرد عليه أنه كان في وكان دقلطياتوس القبطي وكان برقلس متكلما عالما بعلوم القوم أحد المتصدرين فيها.
وله تصانيف كثيرة في الحكمة منها. كتاب حدود أوائل الطبيعيات. كتاب شرح أفلاطون أن النفس غير مائتة ثلاث مقالات. كتاب الثاؤلوجيا وهي الربوبية. كتاب تفسير وصايا فيثاغورس الذهبية. كتاب برقلس ويسمى ديادوخس أي عقيب أفلاطون في العشر المسائل. كتاب في المثل الذي قاله أفلاطون في كتابه المسمى غرغياس سرياني. كتاب برقلس الأفلاطوني الموسوم باسطوخوسيس الصغرى وغيرها.
قال المختار بن عبدون بن بطلان الطبيب النصراني البغدادي أن برقلس هذا كان من أهل اللاذقية وابن بطلان كثير المطالعة لعلوم الأوائل وكتبهم وأخبارهم غير منهم فيما ينقله.
بطليموس الغريب هذا رجل حكيم في وقته فيلسوف ببلاد الروم في زمانه ليس هو مؤلف المجسطي وكان هذا يوالي أرسطوطاليس ويحبه وينتصر له على من عاداه ويفيد علومه لمن طلبها وكان له ذكر في أوانه واشتهار بهذا الشأن والبطالسة من الملوك والعلماء جماعة وكانوا يخصصون كل واحد بصفة زائدة على التسمية ليتميز بها ومن كثرة عناية هذا الحكيم بأرسطوطاليس صنف. كتاب أخبار أرسطوطاليس ووفائه ومراتب كتبه.
صفحة ٤٢