له أن يخرج من أقاويلهم؟ هذا قول خبيث قول أهل البدع لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا.
قال شيخنا ﵁: قلت قال فى رواية عبد الله: الحجة على من زعم أنه إذا كان أمرًا مجمعًا عليه ثم افترقوا أنَّا نقف على ما أجمعوا عليه إلى آخره؛ قال: "وقد علَّق (١) القول في رواية عبد الله فقال: من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس قد اختلفوا، وهذه دعوى بشر المريسي والأصم"، ولكن يقول: "لا نعلم الناس اختلفوا"، إذا لم يبلغه، وكذلك نقل المروذى عنه أنه قال: "كيف يَجوز للرجل أن يقول أجمعوا؟ إذا سمعتهم يقولون أجمعوا فاتهمهم، لو قال: إنى لم أعلم مخالفًا، جاز"، وكذلك نقل أبو طالب عنه أنه قال: "هذا كذب ما أعلمه أن الناس مجمعون؟ ولكن يقول: لا أعلم فيه اختلافًا، فهو أحسن من قوله إجماع الناس"؛ وكذلك نقل عنه أبو الحارث: "لا ينبغي لأحد أن يدعى الإجماع لعل لناس اختلفوا".
قال القاضي: "وظاهر هذا الكلام أنه قد منع صحة الإجماع، وليس هذا على ظاهره، وإنما قال هذا على طريق الورع لجواز أن يكون هناك خلاف لم يبلغه، أو قال هذا في حق من ليس له معرفة بخلاف السلف، لأنه قد أطلق القول بصحة الإجماع في رواية عبد الله وأبي الحارث، وادعى الإجماع في رواية الحسن ابن ثواب، فقال: "أذهب في التكبير من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟ فقال: بالإجماع، عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس."
قال شيخنا: قلت: الذي أنكره أحمد دعوى إجماع المخالفين بعد الصحابة أو بعدهم وبعد التابعين أو بعد القرون الثلاثة المحمودة، ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج
_________
(١) قال د. أحمد الذروي - محقق نسخة المسودة-: "في م - أي المطبوعة القديمة- زعم المحقق أنها محرفة، وصوابها أطلق".اهـ؛ وقال الشيخ عبد الله بن محسن التركي في "أصول مذهب الإمام أحمد" (ص ٣٥١): "هكذا في مخطوطة العدة، والظاهر أنها تحريف، وصوابها: وقد أطلق".اهـ
1 / 21