أم كيف يجزونني السوءى من الحسن؟!
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به
رئمان أنف إذا ما ضن باللبن؟!
ففتح نون رئمان، وكان الأصمعي حاضرا، فقال: هي رئمان بضم النون، فأقبل عليه الكسائي وقال له: اسكت ما أنت وهذا؟! يجوز رئمان ورئمان ورئمان. قالوا: ولم يكن الأصمعي صاحب نظر في النحو ولا معرفة بالعربية. وما دام التقدير يمدهم بما شاءوا فلهم أن يوجهوا الكلام كل وجه، ثم لا تعجزهم الحجة، ولا يعوزهم التقدير.
سأل يوما عضد الدولة فنا خسرو البويهي الإمام أبا علي الفارسي: لماذا ينصب المستثنى في نحو: قام القوم إلا زيدا؟ قال: بتقدير أستثني زيدا، فقال عضد الدولة - وكان فاضلا - لم قدرت أستثني؟ هلا قدرت امتنع زيد فرفعت؟! فلم يحر الفارسي جوابا، وقال: هذا الذي ذكرته لك جواب ميداني، فإذا رجعت ذكرت الجواب الصحيح.
4 (3)
إن النحاة بالتزامهم أصول فلسفتهم أضاعوا العناية بمعاني الكلام في أوضاعه المختلفة؛ من ذلك قولهم في باب المفعول معه: إن مثل: كيف أنت وأخوك؟ يجوز فيه النصب على المفعولية، والرفع على العطف، ثم يرون الوجه الثاني أولى، ويضعفون الأول؛ لأن الواو لم يسبقها فعل، يكون عاملا في المفعول معه، والحقيقة أن لكل من التركيبين معنى لا يغني عنه الآخر، تقول: كيف أنت وأخوك؟ أي كيف أنت؟ وكيف أخوك؟ فإذا قلت: كيف أنت وأخاك؟ فإنما تسأل عن صلة ما بينهما.
5
فالعبارتان صحيحتان، ولكل منهما موضع خاص، ولكن النحاة قد نسوا المعنى بالحرص على نظرية العامل.
ويقولون في مثل: صدق وآمن المسلمون. أن الصحيح: صدقوا وآمن المسلمون، أو صدق وآمنوا المسلمون؟ ولا يقبلون صدق وآمن المسلمون، وهو عربي سائغ مقبول، سمع من العرب في مثل:
صفحة غير معروفة