319

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

تصانيف

وأما الكبرى فلأنه لو جاز ارتكابه علي كرم الله وجهه في الجنة للخطأ والعصيان لما جاز الأمر بموالاته على الاطلاق، لأنه قد يصير أمرا بمعصية فإن موالاة العاصي في عصيانه وخطأه معصية لكن اللازم .... بالنص المذكور فالملزم مثله وهو ظاهر فإذا اضفت هذا إلى تلك الأحاديث التي ذكرناها وهي قليل من كثير في حقه علي كرم الله وجهه في الجنة فقد انكشف عندك بالأمر ولاح لك الصواب وتبين لديك أن الذين قالوا بعصمته رضي الله عنه فقد أخذوا بمقتضى النصوص المتظافرة والأحاديث المتظاهرة، وليس الأمر كما زعم بعض النواصب أنهم أخذوا بالهواء والغرض، وممن نص من المعتزلة على عصمته كممم العلامة ابن متويه وهو ظاهر كلام الشيخ بن أبي الحديد في مواضع من شرحه نهج البلاغة حتى قال في بعض المواضع مانصه: قلت نص أبو محمد بن متويه رحمه الله تعالى في كتاب الكفاية على أن عليا عليه السلام معصوم وإن لم يكن واجب العصمة ولا العصم شرط الإمامة لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه، وأن ذلك أمر أختص به عليه السلام دون غيره من الصحابة والفرق ظاهر بين قولنا معصوم وبين قولنا زيد واجب العصمة لأنه إمام ومن شرط الإمام أن يكون معصوما فالاعتبار الأول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الإمامية، انتهى، وكأنه يشير غى انه مذهب سائر أصحبانهم البغدادية من المعتزلة، وهم إنما حكموا بعصمته علي كرم الله وجهه في الجنة لأجل ما عرفوه من الحاديث رحمهم الله.

فإن قلت: بعض رواة هذه الأحاديق متروك أو معدود في الضعفاء كما هو كذلك فيما أخرجه العقيلي وابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما وكأحاديث ابن المغازلي فإنهم قد ذكروها بالضعف، بل بالكذب والافتراء.

قال انب تيمية في بعض مؤلفاته ما نصه: وأما ابن المغازلي الواسطي فقد جمع في كتابه من الكذب ما لا يخفى على من له معرفة بالحديث، انتهى، ولمثل هذا قال هو أيضا في حق الثعلبي ما نصه: وفي تفسير الثعلبي من الموضوعات ما لا يحصى وكان حاطب ليل، وكذا تلميذه الواحدي، انتهى كلامه وقد أورده بمحاذاة أورده بعض الشيعة من الأحاديث في حق علي علي كرم الله وجهه في الجنة وأسند تخريجه إلى ابن المغازلي والثعلبي والواحدي، وأمثالهم فكيف مالم نذكر تخريجه مما تقدم كالحديث الذي ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار عن أم سلمة وكما رواه الأضبع بن بنانة وغير ذلك مما مر.

صفحة ٣٥٤