وإن كان الثاني كون أشكال الأصنام ونحوها أعمالا للعباد مجازا يستلزم أنها أي الأشكال ونحوها في المذكورات هنا آثار حاصلة بأعمالهم وأنها من آثار أعمالهم وما شبه بسببها كما اعترف المعترض فيما سيأتي، وهو لا يشعر بأنه حجة عليه كالمجاز بهذا الاعتبار ظاهر، لكن هذا الاستلزام المذكور يقتضي أن أعمالهم التي هي أعمالهم حقيقة عند المعترض وأصحابه لا يتعدى إلى مثل الأشكال، ولا يكو سببا فيها أصلا فضلا عن أن تكون آثارا من آثارها وحاصلة عن تحصيلها فليفهم، وسيأتي له توضيحات وتقريرات في مواضع، فإنه كما غفل عنه المعترض لا غيره من الأشاعرة وأمثالهم ولم أقف عليه في كلام أحد من المعتزلة وسائر العدلية، مع .... بهذا الوضوح الكامل والحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
السادس: أن تعميم المذكور أن تناول الكسب لزم أنه موجود في نفسه وهذا مع مخالفته لصرائحهم يقتضي بطلان قوله فلا يشاركه من خلقه في الإيجاد واحد، وإلا لزم نفي الكسب بالكلية فلا يقال أن للعبد كسبا وهو باطل باعترافهم [11] الصريح، وتوضيح الكلام في هذا المقام أنه قد أسند وأضيف إلى العبد شيء موجود ومخلوق بخلق الله تعالى، فهذا الإسناد والإضافة إلى العبد إن كانت إضافة التأثير والإيجاد فقد لزم ما ذكرناه من فساد قوله: فلا يشاركه من خلقه في الإيجاد واحد ولزمت المشاركة، والقول بالاشتراك الذي هو خلاف الأصل على فرض القول بأن الباري تعالى موجد لفعل العبد حقيقة والعبد موجد له حقيقة أيضا ولزم ما هو أكبر من ذلك وهو توارد المؤثرين على الأثر الواحد ومذهب الأستاذ أبي إسحق الإسفرايني وسيأتي.
صفحة ٢٩