وأما أنه منقلب حجة عليهم فيوضحه هنا أن أعمال العباد في قوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} وأعمال العباد في قولهم أن تلك العمومات مثل خلق كل شيء وخالق كل شيء متناولة لأعمال العباد وأنها داخلة في كل شيء وداخلة في أفعاله التي يريدها تعالى كما يزعمون أن يدل عليه قوله: {فعال لما يريد}.
وهكذا زعمهم أن أعمال العباد تدخل في أحاديث القدر والكتابة والعلم يعني أنها مخلوقة له تعالى كما أنها مقدرة ومكتوبة ومعلومة، إما أن يقولوا: أن أعمالهم حقيقة وأن كان فيها ما لا دخل فيه للكسب إجماعا كأشكال الأصنام وصورها القائمة بها، وكالمحاريب والتماثيل والدور والأسلحة ونحوها من الآثار والأوضاع، أو يقولوا: أنها ليست أعمالهم حقيقة بل مجازا.
إن كان الأول فقد ظهر انقلاب الحجة على المعترض وأصحابه؛ لأن ما لا دخل فيه للكسب لا يكون من العبد إلا بقدرة مؤثرة إجماعا وإثباتها نقيض مذهبه ومذهب أصحابه، فالحجة منقلبة عليهم انقلابا لا خفا به.
صفحة ٢٨