203

قال له علي عليه السلام لقد كان كذلك حزن يعقوب حزنا بعده تلاق ومحمد صلى الله عليه وآله قبض ولده إبراهيم عليه السلام قرة عينه في حياته منه فخصه بالاختيار ليعلم له الادخار فقال صلى الله عليه وآله يحزن النفس ويجزع القلب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول ما يسخط الرب في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عز وجل والاستسلام له في جميع الفعال.

قال له اليهودي فإن هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة وحبس في السجن توقيا للمعصية وألقي في الجب وحيدا؟

قال له علي عليه السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد والمال مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه فلما رأى الله عز وجل كآبته واستشعاره والحزن أراه تبارك اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها وأبان للعالمين صدق تحقيقها فقال ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون ) (1) ولئن كان يوسف عليه السلام حبس في السجن فلقد حبس رسول الله نفسه في الشعب ثلاث سنين وقطع منه أقاربه وذوو الرحم وألجئوه إلى أضيق المضيق ولقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه ولئن كان يوسف ألقي في الجب فلقد حبس محمد نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال ( لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) ومدحه إليه بذلك في كتابه.

فقال له اليهودي فهذا موسى بن عمران آتاه الله عز وجل التوراة التي فيها حكمه؟

قال له علي عليه السلام فلقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل منه أعطي محمد البقرة وسورة المائدة بالإنجيل وطواسين وطه ونصف المفصل والحواميم بالتوراة وأعطي نصف المفصل والتسابيح بالزبور وأعطي سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم وموسى عليه السلام وزاد الله عز وجل محمدا السبع الطوال (2) وفاتحة الكتاب (3) وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وأعطي الكتاب والحكمة.

قال له اليهودي فإن موسى ناجاه الله على طور سيناء؟

فقال له علي عليه السلام لقد كان كذلك ولقد أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وآله عند سدرة المنتهى فمقامه في السماء محمود وعند منتهى العرش مذكور.

قال اليهودي فلقد ألقى الله على موسى بن عمران محبة منه؟

قال علي عليه السلام لقد كان كذلك وقد أعطي محمد صلى الله عليه وآله ما هو أفضل من هذا لقد ألقى الله محبة

صفحة ٢١٥