مقدمة الناشرين
من أخص مبادئ (رابطة الأدب الجديد) - التي تتشرف بنشر هذه الدرامة الشعرية - خدمة الثقافة العصرية عن طريق التأليف والنشر أولا، والخطابة والتمثيل ثانيا. ومن حظها أن تتولى نشر هذه الدرامة التي تنزع إلى خدمة فن الأوپرا كما ترمي إلى خدمة الشعر والتأليف الدرامي معا. وفي قيامها بهذا التعاون الأدبي وفاء عملي لمبادئها، وتقدير لهذا الأثر الذي يصح أن يسمى أول أساس جدي للدرامة الشعرية العربية وبالأخص للدرامة المصرية، والباعث بين الأدباء على الاهتمام بهذا النوع من التأليف منذ أعلن الأستاذ الجداوي في سنة 1925م عناية شاعرنا به واعتزامه إنصاف هذا الجيل بالتوفر على خدمة القصص الشعري.
أما وقد وفى الدكتور أبو شادي في نظراته وملاحظاته المنشورة في ختام هذه القصة موضوع البحث في «الأوپرا والأدب المصري»، فحسبنا أن نسجل هنا فاتحة عهد جديد في التأليف الشعري، بعد أن طال زمن المعارضات للمتقدمين من «نهج البردة» إلى «يا ليل الصب»، وبعد أن نكبنا طويلا بالمدائح والتهاني والمراثي والأوصاف المبتذلة ونحوها من ضروب العبث اللفظي واضطراب الفكر والذبذبة السياسية مما شغل «أمراء» شعرائنا «ووزراءهم» حتى في العصر القريب ربع قرن بل أكثر، دع عنك المجهود الضائع في القرون الطويلة السابقة ... ومهما تجاوزنا في تفسير التآليف الأولى التقليدية الركيكة، فيستحيل علينا في أمانة إلا أن نعترف بأنه لم تظهر لنا قبل الآن درامة شعرية عربية مؤلفة بالمعنى الصحيح. فإذا ما حيينا في مؤلف هذه القصة مؤسس الدرامة العربية الشعرية أو باعثها، فإنما نحيي الروح الوثابة الناهضة التي نعتمد عليها في غذاء رابطتنا: رابطة الأدب الجديد الحي، والتي نرجو منها أن تزجي كبار الشعراء المحافظين إلى طريق المجددين سواء اعترفوا بفضل الأخيرين ونشاطهم وحميتهم، وإرشادهم التجديدي أم لم يعترفوا ... ونحن نرحب مقدما بما سيتبع هذه القصة المصرية البديعة من آثار جليلة لمؤلفها النابغة القدير على خدمة الشعر القصصي للأدب وللمسرح، ونهنئه بهذه الزعامة الأدبية والفتح الجديد في سبيل وعر غير مطروق بينما أساتذته السابقون ما يزالون يعبثون بصنوف من اللهو النظمي التقليدي وإن اختلفت أسماؤه، ونرجو أن يكون في هذا المثل العالي من الغيرة الأدبية والقومية خير ما يحتذيه شعراؤنا النابهون.
رابطة الأدب الجديد
موضوع القصة
أحب ضابط مصري (أمين بك) ابنة عمه الحسناء (إحسان)، وكان يتيما من الوالدين قد تربى معها كما تربى أخوه (كمال) منذ الصغر.
ثم دعي إلى الحرب المصرية الحبشية (سنة 1876م)، فأوصى أخاه (كمالا) خيرا بحبيبته التي كانت يتيمة من الأم، كما أوصاه بالزواج منها إذا مات، وأوصاها بذلك أيضا.
وقام أثناء تلك الحرب المشئومة التي نكب فيها الجيش المصري بدور عظيم من الشجاعة أسر فيه ومات من معه من رفاقه ما عدا صديقه الضابط (حسن بك)، الذي أشاع عنه كذبا وخداعا بأنه مات، بينما كان يعرف الحقيقة التي كتمها طمعا في نيل (إحسان) خطيبة (أمين بك)، حيث كان قد عرفها بواسطته باعتباره صديقه الحميم ولم تمنع ذلك التقاليد الأرستقراطية حتى في ذلك العهد.
ثم يفر (حسن بك) على إثر إحدى المعارك الخطيرة هاربا إلى مصر من ويلات الحرب متسترا، فيصل إليها بعد زمن طويل عن طريق السودان ويجد (إحسان) قد تزوجت (كمالا)، فينقم عليه (حسن بك) ويدبر تسميمه تدريجيا ويصاب (كمال) أيضا بالسل من ضعفه، فيعجل المرض موته، ولكن بعد أن يعدي (إحسان) بمرضه ...
ثم يخلص (أمين بك) من أسره في الحبشة بعد خمسة أعوام تقريبا ويعود إلى مصر فيعلم من بعض رفاقه ومن خادمه القديم (الحاج رضوان) بجناية صاحبه (حسن بك) الذي أذاع البلاغ الكاذب عنه مع أنه رأى (أمين بك) يؤسر أمام عينيه، بينما هرب هو ونجا بحياته ممالئا العدو، ويعلم (أمين بك) أيضا أنه قبض على صاحبه هذا الخداع - بعد أن افتضح أمره أخيرا - للتحقيق معه كفار من الجيش ومجرم، ثم يدرك (أمين بك) محبوبته (إحسان) في النزع الأخير، فتصيح صيحة الدهشة والفرح بلقائه وتموت.
صفحة غير معروفة