له كيف ذلك وعمر هو الذي نها عنها وعاقب على فعلها فقال لقوله متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أحرمهما وأعاقب عليهما فأنا أقبل روايته في شرعيتها ولا أقبل نهيه من قبل نفسه والذي يقلع مادة الشبهة ما روي في جامع الأصول والنهاية لابن الأثير الجزري وتفسير محمد بن جرير الطبري عن ابن عباس من أنه قال ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة ولولا نهي ابن الخطاب عنها ما زنى إلا شقي انتهى فالشافعي فيما نقله الشقي عنه إما جاهل أو متجاهل وبهذا قد انكشف بطلان سره وإن الأولى اكتنان مثل هذا السر في حره وقوله لا خلاف في هذا بين أكثر العلماء عبارة ركيكة قد تكلفها لإيهام الاجماع من العلماء على ذلك فتأمل فيه ومنها أن قوله المتعة ليست بزوجة وانتفاء بعض الأحكام كعدم الإرث لا يقتضي خروجها عن مسمى الزوجة لا لغة ولا شرعا كما أنه لا يقتضي ذلك في الدايمات من القائلة والناشزة والكتابية ويؤيد هذا ما قاله الزمخشري الحنفي في الكشاف في تفسير الآية المذكورة حيث قال فإن قيل هل فيه دليل على تحريم المتعة قال لا لأن المنكوحة نكاح المتعة من جملة الأزواج إذا صح النكاح انتهى كلامه وبالجملة أن الإرث والقسم ونحوهما من الأحكام ليست من جملة لوازم الزوجة من حيث إنها زوجة بل هي تابعة لصفات زايدة على الزوجية كعدم إيصال المضرة إلى الزوج وعدم اختلاف الدين وعدم الانقطاع ولهذا ترى الكتابية والقاتلة والناشزة لا ترث وقد اتضح مما قررناه أنه لا متمسك للنواصب في هذه المسألة سوى نهي عمر كما اعترف به إمامهم فخر الدين الرازي في تفسيره وكل ما قيل أو يقال تمحلات ارتكبوها عن غاية الحيرة والاضطراب ردما لإصلاح هفوة ابن الخطاب قال الرازي في تفسيره استدلت الإمامية على حل المتعة بقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين الآية فإن الابتغاء يتناول من ابتغى المؤقت كالمؤبد بل هو أشبه بالمراد لأنه علقة على مجرد الابتغاء والمؤبد لا يحل عند الخصام إلا بولي وشهود ثم أورد عليه نقلا عن أبي بكر الرازي بأن المراد بالتحليل في قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم ما هو المراد في قوله حرمت عليكم أمهاتكم لكن المراد بالتحريم هناك هو النكاح المؤبد لأنه تعالى قال محصنين ولا إحصان في المتعة ولقوله تعالى غير مسافحين والمتعة لا يراد بها إلا سفح الماء ولا يطلب فيه الولد ثم أجاب عنه بأن المراد أحل ما وراء هذه الأصناف المذكورة وهو شامل للمتعة ولا تلازم بينه وبين مورد التحريم هناك ولم يقم دليل على أن الاحصان لا يكون إلا بالمؤبد والمقصود من المتعة سفح الماء بطريق شرعي مأذون فيه قلم قلتم إن المتعة ليس مأذونا فيها ثم قال فظهر أن الكلام رمز والمعتمد فعل عمر انتهى ومنها أن ما ذكره من أن ما نقله المصنف من الأحاديث مروية عن جماعة لم يعلموا أن الأمر تقرر على الحرمة مردود بأن الجماعة الذين روى عنهم حل المتعة علماء الصحابة كمولانا أمير المؤمنين (ع) وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله عبد الله بن عمر وعمران بن الحصين وغيرهم فكيف يمكن أن يقال إن باب مدينة العلم مع ساير فقهاء الصحابة لم يعلموا الحرمة وعلمها عمر بن الخطاب الذي اعترف من غاية جهله بأن كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في البيوت مع أن كلام هؤلاء صريح في الرد عليه وهل تفوه أحد غير الناصب بأن هؤلاء مع علو مرتبتهم في العلم لم يعلموا تقرير الأمر على الحرمة في آخر الأمر ولعله أراد بآخر الأمر تحريم عمر إياها فافهم ومنها أن ما ذكره من أنه لو كان الأمر على ما يذكره الشيعة من أن تحريم المتعة كان من قبل عمر فلم لم يحلله أمير المؤمنين (ع) لما رأى اعتقاد الجمهور حسن سيرة الشيخين وأنهما كانا على الحق لم يتمكن من الإقدام على ما يدل على فساد إمامتهما لما في ذلك من الشهادة بالجهل والفساد منهما وإنهما لم تكونا مستحقين لمقامهما وكيف يتمكن من نقص أحكامهما وتغيير سننهما وإظهار خلافهما على الجماعة الذين ظنوا أنهما كانوا مصيبين في جميع ما فعلاه وتركاه وإن إمامته (ع) مبنية على إمامتهما فإن فسدت فسدت إمامته يدل على هذا ما سيأتي من أنه (ع) نهاهم عن صلاة التراويح الذي أبدعها عمر فامتنعوا ورفعوا أصواتهم قايلين واعمراه واعمراه حتى تركهم في خوضهم يلعبون والحاصل أن أمر الخلافة ما وصل إليه (ع) إلا بالاسم دون المعنى وكان (ع) معارضا منازعا منقصا في أيام ولايته وكيف يا من في ولايته الخلاف على المتقدمين عليه وكل من بايعه و جمهورهم شيعة أعدائه ومن يرى أنهم مضوا على أعدل الأمور وأفضلها وإن حال غاية أمر من بعدهم أن يتبع آثارهم ويقتفي طرايقهم وهذا هو الوجه أيضا في تركه لأخذ فدك في أيام خلافته وما العجب من ترك أمير المؤمنين (ع) ما ترك من إظهار بعض مذاهبه التي كان الجمهور يخالفونه فيها وإنما العجب من إظهاره شيئا من ذلك مع ما كان عليه من إشراف الفتنة وخوف الفرقة وقد كان (ع) يجهر في كل مقام يقومه بما عليه من فقد التمكن وتقاعد الأنصار وتخاذل الأعوان بما أن ذكر لطال به الكلام وهو (ع) القايل وقد استأذنه قضاته فقالوا بما نقضي يا أمير المؤمنين (ع) فقال لهم (ع) اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي يعني (ع) من تقدم موته من أصحابه والمخلصين من شيعته الذين قبضهم الله تعالى وهم على أحوال التقية والتمسك بأطناب ما أوجب الله تعالى عليهم التمسك به وهذا واضح فيما قصدناه والحمد لله ومنها أن استدلاله على كون الشافعي أعلم الناس بالناسخ والمنسوخ بأنه كان قرشيا حجازيا عالما بجميع الناسخ والمنسوخ مصادرة على المطلوب كما لا يخفى ومنها أن ما ذكره من فتوى مالك بحرمة المتعة وعدم اختياره للحلية غير مسلم كيف وقد نقل عنه القول بحل المتعة صاحب كتاب الهداية في فقه الحنفية والفاضل التفتازاني الشافعي في شرح المقاصد وغيرهما في غير ذلك نعم لما بالغ الحنفية والشافعية والحنابلة وهم الأكثرون في إشاعة حرمة ذلك وقرروا الحد والقتل عليها خاف المتأخرون من المالكية وأنكروا الفتوى على ذلك فتدبر ومنها أن ما ذكره من تلمذ أبي حنيفة لعبد الله بن مسعود ففيه أن المصنف لم يذكر ههنا أن ابن مسعود كان من القائلين بحل المتعة حتى يلزم من تلمذ أبي حنيفة له استماعه حل المتعة عنه لجواز أن يكون ساكتا عن ذلك لتقية ونحوه على أن إدراك أبي حنيفة لصحبة ابن مسعود فرية بلا مرية وناهيك في ذلك أن ابن حجر المتأخر مع أنه وضع رسالته الموسومة بخيرات الحسان في بيان أحوال أبي حنيفة وفضايله وتصدى فيها لتحقيق أنه هل أدرك بعض الصحابة أم لا ذكر واحدا واحدا من الصحابة التي افتروا أولياء أبي حنيفة إدراكه إياهم ورد عليه ولم يذكر ابن مسعود من جملتهم نفيا ولا إثباتا ثم قال بعد الاستقصاء في ذلك قال بعض متأخري المحدثين
صفحة ٢٤٤