الآية فهو شئ لا يسأل عنه الشيعة أما الأول فلأن الخبر الواحد إذا رواه عدل غير متهم في دينه حجة عند الشيعة فهم إنما يسئلون عن وجه صحته مع تفرد الراوي المتهم في روايته كما مر وحينئذ لا يصير ما ذكره من الجواب جوابا وأما السؤال عن ترجيح الخبر فهو غير معقول وإنما المعقول المذكور في هذا المقام السؤال عن تخصيص الآية بالخبر وقد عرفت ما فيه أيضا وأما ما ذكره من أن أبا بكر علم أيضا دلالته على ما حمله عليه من المعنى إلى آخره فمردود بأنه كيف يدعي علم أبي بكر بمدلول ذلك مع ما اشتهر من جهله وعدم علمه بكثير من مدلولات الكتاب كالكلالة والأب وغيرهما سيما وقد احتمل فيما نحن فيه أن يكون قوله صدقة تميزا ويكون معنى الحديث أن ما تركناه على وجه الصدقة لا يورثه أحد وقد وهم الراوي وهو أبو بكر في ذلك الاحتمال أن النبي (ص) قد وقف على لفظ الصدقة فظنه أبو بكر موقوفا على الرفع بالخبرية لا على النصب بكونه تميزا والتميز إنما هو شأن أهل الاستبصار لا كل قاصر يكثر منه العثار ولعل الناصب أراد بقرينة الحال الذي علم بها أبو بكر انتفاء الاحتمالات الآخر في ذلك الحديث قرينة حال أبي بكر وعمر في إرادتهما الظلم على أهل البيت (ع) وهذا مسلم لا شك فيه وسابعا أن ما ذكره من الشهادة لا تسمع عن الغريم الذي يجر النفع والرواية ليست كذلك غير مسلم بل الاهتمام بشأن الرواية ينبغي أن يكون أكثر لما ذكره صاحب النقود وغيره من أن الرواية مثبتة لشرع عام فهي تقبل منه ولم يقل أحد بأن التهمة لا يوجب رد الرواية وهذا معلوم عند أولي التحصيل وقد خفى عليه وأما كون ما ذكره الناصب معلوما عند العامة فلا استبعاد فيه لأنها من موضوعات رئيس العامة فلا بعد في كونها معلومة للعامة دون الخاصة فافهم وثامنا أن ما ذكره من أن الميراث في قوله تعالى وورث سليمان داود الآية ميراث العلم والنبوة مردود بأن الميراث حقيقة في أرث المال لغة وشرعا فإطلاقه على غيره مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة وليس فليس؟
وأيضا لو كانت النبوة والعلم مما يورث لم يكن على وجه الأرض إلا الأنبياء والعلماء إذ الميراث لا يجوز أن يكون لواحد من الورثة دون آخر فأول خلق الله كان نبيا هو آدم (ع) فلو ورث ولده نبوته وعمله لوجب أن يكون جميع ولد آدم أنبياء وعلماء وكذلك أولاد أولاده إلى يوم القيامة ويلزم أيضا قايل هذا أن الحكم بأن ورثة محمد (ص) قد ورثوا نبوته فهم أنبياء فلا يجوز تقديم أبي بكر عليهم وإن صححنا خلافته كما ذكروه في إنكار تجويز تقديم المهدي على عيسى (ع) والعجب من الناصبة أنهم لا يثبتون على طريقة واحدة لأنهم إذا قال لهم الإمامية ينبغي أن يكون الخلافة لعلي (ع) لئلا يخرج سلطان محمد (ص) من داره وقعر بيته قالوا هذه سنة هرقلية لا يجتمع النبوة والإمامة في بيت واحد وههنا يثبتون مذهبهم الهرقلي ويقولون إن النبي (ص) يتولد منه النبي (ص) ويرث منه النبوة وتاسعا أن ما ذكره من اتفاق العلماء على المراد من دعاء زكريا؟؟؟
والحبورة وإلا لم يستجب دعاءه لأن الاجماع على أن يحيى قتل قبل زكريا إلى آخره مردود بما في تفسير النيشابوري وغيره حيث رووا عن ابن عباس والحسن والضحاك والمراد به ورثة المال فكيف يتجه دعوى الاتفاق وكذا دعواه الاجماع على أن يحيى قتل قبل زكريا مردود بما في الكتاب وتفسير محمد بن جرير الطبري وغيرهما من التصريح بخلافه وأيضا لو تم ما استند به بقوله لو كان المراد ورثة المال لما استجاب دعاءه لدل على عدم استجابة دعائه مطلقا لأن يحيى لما قتل قبل زكريا فلم يصل إليه ميراث نبوة زكريا أيضا والحاصل أن الميراث إن كان يقتضي البعدية في حيازة المال فكذلك يقتضي البعدية عن المورث في حيازة النبوة والحل إن استجابة الدعاء إنما يلزم لو مات يحيى قبل زكريا بأجله المسمى وأما على تقدير قتله فلا يلزم ذلك إذ لو لم يقتل لبقي وورث من زكريا كما هو الحق في مسألة الآجال ويمكن أن يقال إن استجابة الدعاء ليس من شرايط النبوة خصوصا في كل أمر حتى يقدح ذلك في نبوة زكريا (ع) ولهذا ما أجابه سبحانه وتعالى إلا بقوله يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا الآية فافهم على أنه لا مجال لحمل الآية على إرث النبوة لأن الموالي في قول زكريا إني خفت الموالي من ورائي هم الذين يرثون المال بالضرورة ولا يرثون النبوة بالإجماع ولأن الموالي التي يخاف عنهم ما كانوا صالحين للنبوة لأنهم كانوا أشرارا فأم يجعلهم الله أنبياء فالمراد بقوله خفت الموالي إلى آخره خفت تضييع الموالي مالي وإنفاقهم إياه في معصية الله عز وجل ولأنهم لو كانوا قابلين لها لما كان معنى للخوف عن وصول إرث النبوة إليهم وطلب غيرهم لأن نبي الله عالم بأن الله تعالى لم يعط النبوة لمن لا يكون أهلا لها وعاشرا أن ما أجاب به عن مناقضة فعل أبي بكر في توريث علي (ع) في السيف والعمامة بأنه أعطاهما عليا لأنه كان من المصالح إلى آخره مدخول بأن المروي أن عليا والعباس اختلفا في تلك الأشياء من حيث الميراث وحكم بها أبو بكر لعلي (ع) من حيث الميراث أما لأن ابن العم إذا كان أباه عم الميت من الأب والأم أولى من العم الذي كان عم الميت من جانب الأب فقط لأن المتقرب إلى الميت بسببين أولى من المتقرب إليه بسبب واحد وأما لعدم توريث العم مع البنت كما هو مذهب أهل البيت (ع) ويؤيد ذلك ما مر نقلا عن كتاب المعجم وذكره صاحب جامع الأصول من أنه أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود النسائي حديث مالك بن أويس بن الحدثان قال أرسل إلى عمر فجئته حين تعالى النهار والحديث في الفئ وسهم رسول الله (ص) لا يورث ما تركنا صدقة فراتماني كاذبا غادرا خاينا انتهى وبما ذكرنا اتضح أيضا فساد قول الناصب ولو كان ميراثا لكان العباس وارثا أيضا لأنه كان العم ولو كان تلك الأشياء من بيت المال لكان على أبي بكر أن يأخذها منهم في أول خلافته وحين تخلف علي عن بيعته وقبل منازعة علي وعباس ولما كان لنزاع علي وعباس فيها مرتين في زمان خلافة أبي بكر وزمان خلافة عمر كما يظهر من جامع الأصول وجه فتوجه وأيضا لو كان من بيت المال وكان أعطاها لعلي (ع) من باب المصالح فإن كان السيف لم يكن صالحا لعباس لكون علي (ع) أشجع فقد كان العمامة صالحة له وكان العدل وتطييب خاطرهما يقتضي فصل النزاع بينهما بتوزيعها بينهما على الوجه الذي أشرنا إليه وإذ لم يقع ذلك دل على أن حيازتها كان على وجه الميراث والحادي عشر أن قوله ليس للإمام أن يقول هو صادق ولا يحتاج إلى البينة لعصمته من الكذب إلى آخره مناقشة ضعيفة أخذها من كلام صاحب المواقف والشارح الجديد للتجريد حيث قال ليس على الحاكم أن يحكم بشهادة رجل وامرأة وإن فرض عصمة المدعي والشاهد له الحكم بما علمه يقينا وإن لم يشهد به شاهد
صفحة ٢٢٦