السُّؤَالُ الثَّالِثُ
هل لِما ذكرتَه مثالٌ في الوجود غيرُ ما ذكرتَه من القواعد يحصُلُ التأَنيسُ به والِإيضاح؟
جَوَابُهُ
مِثالُ الحاكم والمفتي مع الله تعالى - وللهِ المثَلُ الأعلى -: مِثالُ قاضي القُضاة يُولَّي شخصين، أحدُهما نائبُه في الحكم، والآخَرُ تَرْجُمانٌ بينه وبين الأعاجم (١).
فالتَّرجمانُ يجبُ عليه اتّباعُ تلك الحروفِ والكلماتِ الصادرة عن الحاكم، ويُخبرُ بمقتضاها من غير زيادة ولا نقص. فهذا هو المفتي يجبُ عليه اتِّباعُ الأدلًّة بعد استقرائها، ويُخبرُ الخلائقَ بما ظهر له منها من غير زيادةِ ولا نقص إِن كان المفتي مجتهدًا، وإِن كان مقلّدًا كما في زماننا فهو نائبٌ عن المجتهد في نَقْلِ ما يَخُصُّ إِمامَهُ (٢) لمن يَستفتيه، فهو كلسان إِمامِه والمترجِمِ عن جَنَانه.
_________
(١) يدخل في هذا الجواب ما قاله المؤلف في "الفروق" ٢: ١٠٤ - ١٠٦ عند الفرقِ بين مسائل الخلاف قبل حكم الحاكم وبعده، وما قاله في ٤: ٥٣ - ٥٤ عند الفرق (٢٢٤) الفرقِ بين الفتوى والحكم.
(٢) هكذا في نسخة (ر): (في نقلِ ما يَخُصُّ إمامَهُ). وهو الصواب، وفي غيرها: (لَخَّصَهُ إمامُه).
1 / 43