شيء يُقضَى به إلَّا صدَقَ القضاءُ بضده فيَبطُل! وهذا تشويشٌ كثير، فالواجبُ حينئذٍ أن يُنظَر إِلى كل حقيقةٍ من حيث هِي هِي، لا لما يَلزمُها ويَعرِضُ لها.
وقولُنا: (أو إِلزامٍ) كما إِذا حكَمَ بلزوم الصَّداقِ أو النفقةِ أو الشُّفعةِ ونحو ذلك.
وقولُنا: (في مسائل الإجتهاد) احتراز من حُكمه على خلافِ الإِجماع، فإنه لا عبرة به.
وقولُنا: (المتقارِبِ) احترازٌ من الخلاف الذي ضَعُفَ مُدْرَكُه جدًا (١)، فإن الحاكم إِذا حكَمَ به لا عبرة بحُكمه ويُنقَض، فلا بُدَّ حينئذٍ من تقارُبِ المَدارِك في اعتبار الحُكم.
وقولُنا: (فيما يقَعُ فيه التنازُعُ لمصالح الدنيا) احترازٌ من مسائل الإجتهاد في العبادات ونحوِها، فإن التنازع فيها ليس لمصالح الدنيا بل
_________
(١) وهو الخلاف الشاذّ، قال المؤلف في "الفروق" ٤: ٥١: "وقولي: تتقاربُ مَداركُها احترازٌ من الخلاف الشاذِّ المبنيِّ على المُدركِ الضعيف، فإنه - أي الحكم بالمُدْرَكِ الضعيف - لا يَرفَعُ الخلافَ بل يُنقَضُ في نفسه إِذا حُكِمَ بالفتوى المبنيَّة على المُدرَكِ الضعيف". انتهى. وسيُصرِّح المؤلف بنحوه في جواب السؤال السابع عشر.
ولفظُ (المُدْرَك) بضم الميم وفتح الرَّاء. قال العلامة الفَيُّومي في "المصباح المنير": "المُدْرَكُ بضم الميم: يكون مصدرًا واسمَ زمان ومكان. ومَداركُ الشرع: مواضعُ طلبِ الأحكام، وهي حيث يُستدَلُّ بالنصوصِ والإجتهادِ من مَدارك الشرع. والفقهاءُ يقولون في الواحد: مَدْرَك بفتح الميم. وليس لتخريجه وجه، وقد نَصَّ الأئمةُ على طَرْد الباب، واستُثنِيَتْ كلماتٌ مسموعةٌ خرجَتْ عن القياس، ولم يَذكروا المُدْرَكَ فيما خرَج عن القياس، فالوجهُ الأخْذُ بالأصول القياسية حتى يَصحَّ سماع. وقد قالوا: الخارجُ عن القياس لا يقاسُ عليه؛ لأنَّه غيرُ مؤصَّل في بابه".
1 / 35