الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

شهاب الدين القرافي ت. 684 هجري
176

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

الناشر

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

السُّؤَالُ الرَّابِعْ وَالثَّلَاثُونْ ما معنى قولِ الفقهاء: إِنَّ للِإنسان أن يَنقُضَ حُكمَ نفسِه، وله نقضُ حكمِ غيرِه إِذا كان ذلك الغيرُ ليس أهلًا للقضاء؟ فهل يَختصُّ ذلك بالمُجمَعِ عليه؟ أو بالمُختلَفِ فيه؟ أو يَعُمُّ النوعين؟ أو ليس ذلك على ظاهره؟ جَوَابُهُ أنَّ نقْضَ الِإنسان لحكمِ نفسِه متصوَّرٌ بشرطين: أحدهما: أن يكون غيرَ مُجمَعٍ عليه. وثانيهما: أن تقطع بخطئه. والصحيحُ أنه لا يُنقَضُ اجتهاد باجتهاد، أما متى كان مجمَعًا عليه فالنقضُ في الحقيقة ليس للحكم، بل التغييرُ إِنما يَلْحقُ السببَ بمعنى أنَّ الذي اعتُقِدَ سببًا لم يُوجد سببًا. أما حُكمُ ذلك السبب لا سبيلَ إِلى نقلِه عنه. كما لو حُكِمَ على رجل بالقِصاصِ في موضعِ أجمَعَ الناسُ على ثبوت القصاص فيه، ثم تَبين أنَّ الرجل لم يقتُل، فالتغييرُ إنما لَحِقَ ما اعتُقِدَ أنه سبب لا ما يترتَّبُ عليه (١). وكذلك تعقُّبُ الِإنسان لحُكم غيره إِذا كان الذي تقدَّمه فاسقًا أو ليس بأهلِ: إنما معناه إنْ كان الحكمُ غيرَ مجمَعِ عليه، فله أن يُغيّرَ الحكمَ نفسَه من اللزومِ لعَدَمِه، ومن الفسخ للثبوتِ ونحوِه. وله أيضًا أن يُلغِيَ ما اعتَقَده

(١) تعرَّض المؤلف لهذا المبحث بأمثلةِ كثيرة في كتابه "الفروق" ٤: ٤١، في الفرق (٢٢٣).

1 / 177