الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام
الناشر
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
والمسألة الثانية: ما هو على خلافِ القواعد أو النصوص، كما قال ابنُ يونس (١): قال عبدُ الملك (٢): معنى قولِ مالكِ: "لا يُنقَضُ قضاءُ القاضي": إِذا لم يُخالِف السُّنَّة، أما إِذا خالَفَها نُقِضَ:
كاستسعاءِ العبد بعِتْقِ بعضه، فيقضِي باستسعائه فيُنْقَضُ ويُرَدُّ له ما أدَّى، ويَبقى العبدُ مُعتَقًا بعضُه.
وكالشُّفْعَةِ للجار أو بعدَ القسمة، أو الحكمِ بشهادةِ النصراني، أو ميراثِ العمَّة أو الخالة أو المَوْلى الأسفَل، وكل ما هو على خلاف عمل أهل المدينة ولم يقل به إِلَّا الشذوذُ من العلماء، أو طلَّقها البتة فرآها الحاكمُ واحدةً وتزوَّجها الذي أبتَّها فلغيره التفريق.
_________
(١) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصَّقِلي المالكي. كان إمامًا حافظاَ نطارًا أحدَ أئمةِ الفقهِ والترجيح، وكان إلى إمامته في الفقه والعلم ملازمًا للجهاد في سبيل الله موصوفًا بالنجدة، ألَف كتابًا حافلًا جامعًا على "المدونة"، أضاف إليها غيرَها من الأمهات، فأصبح معتمد طلبة العلم لما حواه من الفوائد والزيادات، وله كتاب في الفرائض. توفي سنة ٤٥١ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
(٢) هو أبو مروان عبد الملك بن حبَيب بن سليمان السُّلَمي القرطبي المالكي، رحَلَ إلى المشرق وأخَذَ عن علمائه، ثم رجع إلى المغرب بعلم كثير عظيم، وأصبح عالم الأندلس وفقيهها، نحويًا لغويًا نسَّابة أخباريًا عروضيًا شاعرًا محسنًا. وألَّف كتبًا حِسانًا كثيرة في الفقه والحديث والتاريخ والأنساب والأدب وغريب الحديث والمواعظ والطب والنجوم.
ومن أشهر كتبه: "تفسير موطأ مالك" و"الواضحة" في السنن والفقه، قال العُتْبيُّ - وذَكَر الواضحة - رحم الله عبد الملك، ما أعلم أحدًا ألَّف على مذهب أهل المدينة تأليفَه، ولا لطالب العلم أنفَعَ من كتبه. ولا أحسَنَ من اختياره. توفي عبد الملك في قرطبة سنة ٢٣٨ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
1 / 123