الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

شهاب الدين القرافي ت. 684 هجري
108

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

الناشر

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

ولم يكن مُنشِئًا لحُكمٍ مِنْ قِبَلِه ولا مُرتَّبًا له برأيه على حسب ما اقتضته المصلحة، بل لم يَفعل إِلَّا مجرَّدَ التبليغ عن ربَّه كالصلواتِ والزكواتِ وأنواعِ العبادات وتحصيلِ الأملاك بالعقودِ من البِياعاتِ والهِباتِ وغيرِ ذلك من أنواع التصرُّفات: لكلّ أحَدٍ أن يُباشره ويُحصل سبَبَهُ، ويَترتَبُ له حُكمُه من غير احتياجٍ إِلى حاكم يُنشئُ حكمًا، أو إِمامٍ يُجدّدُ إِذنًا. فإِذا تقررَ الفرقُ بين آثار تصرفه ﷺ بالإِمامةِ والقضاءِ والفُتيا: فاعلم أنَّ تصرُّفَه ﵊ ينقسمُ إِلى أربعة أقسام: قسمٌ اتفق العلماء على أنه تصرُّفٌ بالِإمامة، كالإِقطاع، وإِقامةِ الحدود، وإِرسالِ الجيوش، ونحوِها. وقسمٌ اتفق العلماء على أنه تصرف بالقضاء، كإِلزام أداء الديون، وتسليمِ السِّلَع، ونقدِ الأثمان، وفسخِ الأنكحة، ونحوِ ذلك. وقسمٌ اتفق العلماء على أنه تصرفٌ بالفتيا، كإِبلاع الصلواتِ، وإِقامتِها، وإقامةِ المناسك، ونحوِها. وقسمٌ وقع منه ﷺ مُتردِّدًا بين هذه الأقسام، اختَلَف العلماءُ فيه على أيها يُحمَلُ؟ وفيه مسائل: المسألة الأولى قولُهُ ﷺ: "مَنْ أحيا أرضًا مَيِّتةً فهي له" (١)

(١) رواه بهذا اللفظ الإِمام أبو يوسف القاضي في كتاب "الخراج" ص ١٣٩، قال: "حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول الله ﷺ. قال شيخنا العلامة أحمد شاكر في تعليقه على كتاب "الخراج" ليحيى بن آدم ص ٨٤ "وإسناده صحيحٌ غايةٌ في الصحة، فإن أبا يوسف من ثقات أئمة المسلمين وثقه النسائي وابن حبان". =

1 / 109