الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام
الناشر
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
(١) هذا، وليس من هذه التصرفات جميعًا ما قاله ﷺ في ترك تأبير النخل، وإنما هو من أمور الدنيا فحسْب، ولذلك فوضه إلى العالِمين به قائلاَ لهم: "أنتم أعلمُ بأمْرِ دنياكم". روى مسلم في "صحيحه" ١١٦:١٥ - ١١٧، في كتاب الفضائل، في (باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا دون ما ذكره عيَنِ من مَعَايِشِ الدنيا على سبيلِ الرأي): "عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: مررتُ مع رسول الله ﷺ بقومِ على رُؤُوسِ النَّخْل، فقال: ما يَصنعُ هؤلاء؟ فقالوا: يُلقِّحونَهُ يجعلون الذكَرَ في الأنثى فتَلْقح، فقال رسول الله ﷺ: ما أظنُّ يُغني ذلك شيئًا، قال: فأخبِروا بذلك فتركوه، - فخرج شِيْصًَا، أي رديئًا ضعيفًا - فأخبِرَ رسول الله ﷺ بذلك فقال: إن كان يَنفعُهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظَنَنْتُ ظنًا، فلا تؤاخذوني بالظنّ، ولكنْ إذا حدَّثتكم عن الله شيئًا فخُذُوا به، فإني لن أكذِبَ على الله ﷿ ". وجاء بعدها في روايةِ رافع بن خَدِيج: "قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا، فتركوه فنفَضَتْ - أي أَسْقَطَتْ النخلُ ثَمرَها -، قال: فذكروا ذلك له فقال: إنما أنا بَشَر، إذا أمرتكم بشيء من دِينِكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بَشَر". وفي روايةِ عائشة وأنسِ: "قال: أنتم أعلَمُ بأمْرِ دنياكم". قال النووي في "شرح صحيح مسلم" تحت عنوان هذا الباب الذي بوَّبه على الحديث المذكور ١١٦:١٥ "قال العلماء: قولُه ﷺ (من رأيي) أي في أمرِ الدنيا ومَعَايِشِها، لا على التشريع. فأمَّا ما قاله باجتهاده ﷺ ورآه شرعًا يجبُ العمل به. وليس =
1 / 106