184

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

الناشر

مطبعة السنة المحمدية

ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَع رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا، حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ» . ــ [إحكام الأحكام] [حَدِيثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ] الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إتْمَامِ التَّكْبِيرِ، بِأَنْ يُوقَعَ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، مَعَ التَّسْمِيعِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا، بَعْدَ أَنْ كَانَ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ» . الثَّانِي قَوْلُهُ «يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ» يَقْتَضِي إيقَاعَ التَّكْبِيرِ فِي حَالِ الْقِيَامِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فِي الْفَرَائِضِ لِلتَّكْبِيرِ، وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ - عِنْدَ مَنْ يُوجِبُهَا - مَعَ الْقُدْرَةِ. فَكُلُّ انْحِنَاءٍ يَمْنَعُ اسْمَ الْقِيَامِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ: يُبْطِلُ التَّحْرِيمَ، وَيَقْتَضِي عَدَمَ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ فَرْضًا. وَقَوْلُهُ «ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ» يَدُلُّ عَلَى جَمْعِ الْإِمَامِ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ، لِمَا ذَكَرْنَا: أَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ الْمَوْصُوفَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالِ الْإِمَامَةِ لِلْغَلَبَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيعَ يَكُونُ حِينَ الرَّفْعِ، وَالتَّحْمِيدَ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى ابْتِدَائِهِ وَعَلَى انْتِهَائِهِ وَعَلَى جُمْلَتِهِ حَالَ مُبَاشَرَتِهِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ «يَقُولُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ» عَلَى حَرَكَتِهِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ. لِيَكُونَ الْفِعْلُ مُسْتَصْحِبًا فِي جَمِيعِهِ لِلذِّكْرِ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ «يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ» - إلَى آخِرِهِ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ هَذَا التَّكْبِيرِ. فَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي النُّهُوضِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَاخْتَارَ

1 / 242