إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد ت. 702 هجري
30

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

الناشر

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] [حَدِيثُ عَمْرو بْن أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ] عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَازِنِيِّ الْمَدَنِيِّ: ثِقَةٌ. رَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ. وَكَذَلِكَ أَبُوهُ ثِقَةٌ، اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. فِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ زَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ: وَهُوَ غَيْرُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، لَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ. وَحَدِيثُ الْأَذَانِ وَرُؤْيَتِهِ فِي الْمَنَامِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ لَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ. فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. فَإِنَّهُ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ وَالْغَلَطُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " فَدَعَا بِتَوْرٍ " التَّوْرُ: بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ: الطَّسْتُ. وَالطَّسْتُ - بِكَسْرِ الطَّاءِ وَبِفَتْحِهَا، وَبِإِسْقَاطِ التَّاءِ - لُغَاتٌ. الثَّالِثُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ مِنْ آنِيَةِ الصُّفْرِ. وَالطَّهَارَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ كُلِّهَا، إلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهِمَا. وَقِيَاسُ الْوُضُوءِ عَلَى ذَلِكَ. [الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَصْلِ وَالْجَمْعِ وَعَدَدِ الْغَرْفَاتِ] ١ الرَّابِعُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ: قَدْ مَرَّ. وَقَوْلُهُ " فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرْفَاتٍ " تَعَرَّضَ لِكَيْفِيَّةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَصْلِ وَالْجَمْعِ، وَعَدَدِ الْغَرَفَاتِ. وَالْفُقَهَاءُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْجَمْعَ. وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْفَصْلَ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى أَنَّهُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غُرْفَةٍ، ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. وَهُوَ مُحْتَمِلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ غَيْرَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنْ يُفَاوِتَ بَيْنَ الْعَدَدِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، مَعَ اعْتِبَارِ ثَلَاثِ غَرْفَاتٍ، إلَّا أَنَّا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَغْرِفَ غُرْفَةً، فَيَتَمَضْمَضَ بِهَا مَرَّةً مَثَلًا. ثُمَّ يَأْخُذَ غُرْفَةً أُخْرَى. فَيَتَمَضْمَضَ بِهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَأْخُذَ غُرْفَةً أُخْرَى، فَيَسْتَنْشِقَ بِهَا ثَلَاثًا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي تُعْطِي هَذَا الْمَعْنَى. فَيَصْدُقُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ: تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ

1 / 88