170

استيقظ تافرنيك بعد بضع ساعات وهو يشعر بالحيرة كأنه فقد هويته، وأخذ حياة رجل آخر، وحل محله. منذ يوم وصوله الأول إلى لندن، وهو شاب ريفي خام، حتى الليلة التي تحدث فيها إلى بياتريس على سطح فندق بلينهايم هاوس، لم يحدث له أي شيء يمكن وصفه بأنه مغامرة. ولم يشعر قط بأنه يفتقد ذلك؛ لم يكن حتى منغمسا في قراءة الكتب الخيالية. بدا له ما حدث الليلة الماضية، وهو جالس في سريره في ضوء شمس الصباح البارد، شيئا عجيبا لا يمكن تصوره. لم يكن من الممكن حقا أن يكون أولئك الأشخاص - الذين يحظون بالتربية الجيدة وحسن المظهر - قد فكروا بجدية في أمر بهذه الفداحة يبدو أنه ينتمي إلى العصور البائدة من التاريخ، أو أن يكون تافرنيك نفسه، قد اقتحم جدارا وهو أعزل من السلاح وسيطر على الموقف! جلس هناك يفكر بثبات. كان الأمر لا يصدق، لكنه كان حقيقة واقعة! كان لا يزال يعتريه بعض الشك الخافت حول ما إذا كانوا سيتمادون حقا إلى هذه الدرجة القصوى. استخف بريتشارد نفسه بالأمر برمته، وبعد ذلك تعامل معه على أنه مزحة كبيرة. أما تافرنيك، فظل مرتابا عندما تذكر هذه المجموعة الصغيرة كما رآها لأول مرة.

بالتدريج، بدأت سماته الشخصية تعاود الظهور مرة أخرى. فبدأ يتساءل كيف سيؤثر تصرفه على مصالحه التجارية. لقد استعدى في الغالب أخت بياتريس الرائعة الجمال، تلك المرأة التي شغلت أفكاره تماما خلال الأيام القليلة الماضية، والمرأة أيضا، التي كانت ستمنحه المال الذي من خلاله كان سيضع قدميه على الدرجة الأولى من السلم. لقد قرر أن هذا شيء يجب تسويته على الفور. يجب أن يراها ويعرف بالضبط الوضع الذي ستئول إليه الأمور، وما إذا كانت ستلغي الصفقة أم لا. كان التفكير في أي نوع من أنواع المعارك والحركة محفزا. نهض من فراشه وارتدى ثيابه وتناول فطوره وانطلق في رحلته.

بعد الساعة الحادية عشرة بقليل، قدم نفسه في ميلان كورت وسأل عن السيدة وينهام جاردنر. انتظر عدة دقائق في ترقب وتوتر، ثم قيل له إنها ليست في المنزل. وبخيبة أمل ليست بالقليلة، ألح من أجل الحصول على أخبار عنها. اعتقد حارس العقار أنها نزلت إلى الريف، وإذا كان الأمر كذلك، فقد كان موعد رجوعها غير مؤكد. كان تافرنيك الآن مرتبكا للغاية.

أصر قائلا: «أريد أن أرسل لها برقية. من فضلك اعرف من خادمتها العنوان الذي أوجه إليه البرقية.»

نظر إليه حارس العقار، الذي كان شخصا راجح العقل، نظرة ودودة.

وقال موضحا: «نحن لا نعطي عناوين، يا سيدي، ما لم يكن ذلك بناء على رغبة عملائنا. إذا تركت برقية هنا، فسأرسلها إلى شقة السيدة جاردنر لتوصيلها إليها.»

كتب تافرنيك برقية سريعة، متوسلا خبر عودتها، وأضاف عنوانه وغادر المكان. ثم تجول بلا هدف في الشوارع. بدا هذا الصباح راكدا خامدا، بعد أحداث الإثارة التي سادت الليلة السابقة ولا تزال تستعر في دمه. ومع ذلك، فقد تمالك نفسه بصعوبة، واستدعى مساحا شابا كان قد تعاقد معه لمساعدته، وقضى بقية اليوم في الخارج على التل. ركز أفكاره بحزم على عمله حتى حان وقت الشفق. ثم سارع إلى المنزل لمواجهة خيبة الأمل التي كان يتوقعها بنسبة كبيرة. لم يكن ثمة برقية له! تناول عشاءه وجلس طاويا ذراعيه أمام صدره، ناظرا إلى الشارع. لم ترد حتى الآن برقية من أجله! عاوده القلق مرة أخرى. بعدما تجاوزت الساعة العاشرة بمدة وجيزة، أصبح الأمر لا يطاق. وجد نفسه يتوق إلى رفقة، ولم تكن الوحدة في غرفته الصغيرة منذ رحيل بياتريس قط شيئا حقيقيا مثلما هي الآن. تحملها لأطول مدة ممكنة، ثم أمسك بقبعته وعصاه، ووجه وجهه نحو الشرق، ومشى بقوة، وهو ينظر إلى الساعة من آن لآخر.

بعد بضع دقائق من الساعة الحادية عشرة، وجد نفسه مرة أخرى في ذلك الطريق المظلم خلف المسرح. كان المصباح فوق باب المسرح يتذبذب بالطريقة غير المؤكدة نفسها، وكانت السيارات نفسها موجودة، وكان الحشد نفسه من الشباب موجودا، باستثناء أنهم كانوا يزدادون كل ليلة. هذه المرة كان لديه بضع دقائق فقط للانتظار. كانت بياتريس من أوائل من خرجوا. عند رؤيتها، أدرك فجأة أنه ليس لديه، رغم كل شيء، أي عذر للمجيء، وأنها من المحتمل أن تستجوبه بشأن إليزابيث، وأنها ستتمكن في الغالب من تخمين سر عذابه. تراجع قليلا، لكنه كان قد تأخر لحظة؛ لأنها رأته. ببضع كلمات تبرير للآخرين الذين كانت تتحدث معهم، التقطت تنورتها وعبرت الشارع الموحل بسرعة. لم يكن لدى تافرنيك وقت للهروب. ظل هناك حتى أتت، لكن وجنتيه كانتا متوهجتين، وراوده شعور مربك بأن وجوده، وأن لقاءهما على هذا النحو، كان مصدر إحراج لكليهما.

صاحت: «عزيزي ليونارد، لماذا تختبئ هناك؟»

أجاب ببساطة: «لا أعرف.»

صفحة غير معروفة