فكيف بمن كان حليف الكبائر؟ إن عقابه لأشد.
وانظر إلى رحمة الله الواسعة أن فاعل الكبيرة إذا تاب وأخلص وأعطى الحق من نفسه، وعرف صدقه بذلك جاز ترك عقوبته ، مالم يجب عليه حد مشروع ، فترك الفرائض لا يجوز عن تائب ولاغيره (¬1) .
وأما ما خرج [على] (¬2) معنى الاجتهاد والنظر فالحاكم موسع له في نظر الأصلح من العقوبة والترك ، حتى في الكبائر ، فمن كفاه النهي مثلا عن بيع الربا وأشباه ذلك فالنهي فرض عينه وإن لم يكفه فالعقاب على نظر الحاكم، لردعه بما هو له أهل، ولا نعلم بعد التوبة عقابا ، ولا نراه في النظر ،ولهذا نظير من القول في الأثر.
... وهكذا (¬3) حكم الأموال مطلقا ، إلا على ما خرج على معنى البغي ظلما وعدوانا ، كالنهب والسرق ،فإنه أشد ، ولا ينبغي الغفول عنه ، نعم إن رفع إليه ذلك وجب الأخذ به ، والعقاب بمقتضاه ، ولو تاب بعد الرفيعة (¬4) عليه فأرضى الخصوم وبقي حق الله جاز أن لا يؤاخذ (¬5) به إلا الحدود ، فلا بدمنها ، إلا أن يكون مستحلا (¬6) فالتوبة تجب ما قبلها في حقه.
¬__________
(¬1) المقصود بالفرائض هنا : الحدود
(¬2) الأنسب -والله أعلم-" عن " بدلا من " على".
(¬3) في (ب) :" وهكذى " وهو خطأ رسما.
(¬4) الرفيعة :" ما رفع به على الرجل ،ورفع فلان على العامل رفيعة ،وهو مايرفعه من قضية ويرفعها". [ ابن منظور ( اللسان ) ، ج 8 ص 130 ،مادة : رفع ].
(¬5) في (ب ، د ، ه) :" لا تؤخذ " ، وهو خطأ في المعنى.
(¬6) المستحل :" هو الذي يأتي الأشياء المحرمة في دين الله تعالى اعتقادا منه أنها حلال متمسكا على ذلك بشبهة من كتاب أو سنة أو إجماع ،فهو جازم بتلك الشبهة ومعتقد أنها الدليل القاطع ، ويلتزم تخطئة من خالفه دينا" [ السالمي ، ( مشارق أنوار العقول ) ج 2 ص 386].
صفحة ٢١٠