فتنتهم بعد النبي صلى الله عليه وآله بالاختبار، وتمييزهم بالاعمال . وقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } (1) إلى آخر الآية، دليل على ما ذكرناه. وقوله تعالى: { أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم } (2) يزيد ما شرحناه. ولو ذهبنا إلى استقصاء ما في هذا الباب من آيات القرآن، والاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله، لانتشر القول فيه، وطال به الكتاب. وفي قول أنس بن مالك -: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة، فأضاء منها كل شئ، فلما مات عليه السلام أظلم منها كل شئ، وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وآله الايدي ونحن في دفنه حتى أنكرنا قلوبنا (3) - شاهد عدل على القوم بما بيناه. مع أنا نقول لهذا السائل المتعلق بالاخبار الشواذ المتناقضة ما قدمنا حكايته، وأثبتنا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين توهمت أنهم لا يقارفون الذنوب، ولا يكتسبون السيئات، هم الذين حصروا عثمان ابن عفان، وشهدوا عليه بالردة عن الاسلام، وخلعوه عن إمامة الانام،
---
(1) سورة المائدة 5: 54. (2) سورة محمد صلى الله عليه وآله 47: 29. (3) الجامع الصحيح للترمذي 5: 588 / 3618، مسند أحمد بن حنبل 3: 221 / 268، سنن ابن ماجة 1: 522 / 1631.
--- [ 54 ]
صفحة ٥٣