232

وأما الجهاد: فأنه لا قدم لاحدهم فيه، فلا يمكن لعاقل دعوى ذلك على شئ من الوجوه وقد ذكر من كان منه ذلك سواهم، فلم يذكر هم أحد، ولا تجاسر على القول بارزوا وقتا من الاوقات قرنا، ولاسفكوا لمشرك دما، ولاجرحوا في الحرب كافرا، ولانازلوا من القوم إنسانا، فالريب في هذا الباب معدوم، والعلم بما ذكرناه حاصل موجود. وأما العلم بالدين: فقد ظهر من عجزهم فيه، ونقصهم عن مرتبة أهل العلم في الضرورة إلى غيرهم من الفقهاء، أحوال إماراتهم ما أغنى عن نصب الدلائل عليه. وقد كان رسول صلى الله عليه وآله حكم لجماعة من أصحابه بأحكام فيه، فما حكم لاحد من الثلاثة بشئ منه، فقال صلى الله عليه وآله: " أقرأكم ابي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضكم زيد، وأقضاكم علي " (1). فكان صلى الله عليه وآله ناحلا لكل من سميناه سهما من العلم، وجامعا سائره لامير المؤمنين عليه السلام، بما حكم له بالقضاء الذي يحتاج صاحبه إلى جميع من سماه من العلوم، وأخرج أبا بكر وعمر وعثمان من ذلك كله، ولم يجعل لهم فيه حظا كما ذكرناه، وهذا مما لاإشكال فيه على ذوي العقول. وأما الانفاق: فقد قلنا فيما تقدم فيه قولا يغني عن إعادته

---

(1) سنن الترمذي 5: 664 / 3790 و3791، سنن ابن ماجة 1: 55 / 154، مسند أحمد 3: 281، مصابيح السنة 4: 179 / 4787، مستدرك الحاكم 3: 422.

--- [ 234 ]

صفحة ٢٣٣