... ولنا: أن ثبوت الحرمة لا تقبل الفصل عن زوال النكاح؛ لأنها مؤبدة، بخلاف الحرمة بالحيض ونحوه، والأملاك لا تزال إلا بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، بخلاف حرمة اللحم حيث تنفك عن زوال الملك؛ كالخمر مملوكيته محرمة، وجلد الميتة قبل الدباغ يحرم الانتفاع به، وهو مملوك .
... وإذا كانت الحرمة لا تستلزم زوال الملك، فالشهادة قائمة على مجرد الحرمة حقا لله تعالى، فيقبل خبر الواحد هناك بخلاف ما هنا.
... وأما الحديث فكان للتورع، ألا ترى(1) أنه عليه الصلاة والسلام أعرض عنه في المرة الأولى، وقيل في الثاني أيضا، وإنما قال له ذلك في الثالثة، ولو كان حكم ذلك الإخبار وجوب التفريق لأجابه من أول الأمر، إذ الإعراض قد يترتب عليه ترك السائل المسألة بعد ذلك.
... ففيه تقرير على المحرم، فعلم أنه إنما قال ذلك؛ لظهور اطمئنان نفسه بخبرها، لا من الحكم. انتهى كلامه ملخصا(2).
... وفي ((البناية شرح الهداية)) لشيخ الإسلام بدر الدين العيني(3): لا تقبل في الرضاع شهادة النساء المنفردات، وإنما يثبت بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وهو قول عمر، وعلي، وابن عباس.
صفحة ١٤